تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا} (7)

6

المفردات :

قدر عليه رزقه : ضُيّق .

آتاه الله : أعطاه .

إلا ما آتاها : إلا بقدر ما أعطاها من الأرزاق ، قلّ أو كثر .

التفسير :

7-{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } .

لينفق الغني من ماله ، فإذا كان موسرا يسّر على المطلقة وعلى أولادها ، ووسّع عليهم مما أعطاه الله له ، فالجود من الموجود ، وأولى الناس بالمشاركة في المال والتوسعة في العطاء زوجته السابقة وأولاده منها ، أما إذا كان الزوج فقيرا ، فلينفق مما آتاه الله من الأرزاق ، قلَّت أو كثرت ، فلا يكلّف الفقير نفقة مثل نفقة الغنيّ .

{ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آَتَاهَا . . . }

أي : بقدر ما أعطاها من الطاقة والقوّة .

وقريب منه قوله تعالى : { لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها . . . } ( البقرة : 286 ) .

أي : إلا في إمكانياتها وسعتها .

وقد فاوت الله بين الناس في العطاء ، وجعلهم درجات ، وطلب الله من كل إنسان أن ينفق على أسرته حسب حالته ، وحسب يساره أو إعساره ، فإذا كان الزوج فقيرا ثم وسّع الله عليه ، وجب أن يزيد في نفقة أسرته ، وإذا كان غنيا ثم افتقر ، خفّض ميزانية النفقة ، وعلى الأسرة أن تصبر وتتحمل وتتعاون ، وتتقبّل ما ينفقه الزوج حسب حالته ، فلا ينبغي لزوجة الفقير أن تتطلع إلى نفقة واسعة مثل زوجة الغني ، بل تصبر حتى يوسّع الله على زوجها فيوسع عليها .

{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } .

سيجعل الله بعد الشدة فرجا ، وبعد الضيق سعة ، وفيه وعد من الله تعالى بمساعدة الفقراء إذا قنعوا ورضوا .

قال تعالى : { فإنّ مع العسر يسرا*إنّ مع العسر يسرا } . ( الشرح : 5-6 ) .

وما أجمل هذا التشريع الإلهي الذي يربط النفقة بحالة الزوج .

جاء في تفسير الآلوسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن المؤمن أخذ عن الله أدبا حسنا ، إذا هو سبحانه وسَّع عليه وسَّع ، وإذا هو عزّ وجل قَتَّر عليه قتّر " .