تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَـٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ} (50)

فأجابوهم موبّخين لهم : إن الله تعالى أرسَل إليكم رسُلاً مكرَّمين فلم تستجيبوا لهم . فاعترفوا بأنهم كذّبوا رسلهم . فقال لهم خزنة جهنم : فإذا كان الأمرُ كذلك فادعوا مهما شئتم ، { وَمَا دُعَاءُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } .

إن طلبَكم مرفوض ، فلوموا أنفسَكم على ما أسلفتم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَـٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ} (50)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَـٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ} (50)

" أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " الخبر بطوله . وفي الحديث عن أبي الدرداء خرجه الترمذي وغيره قال : يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون منه فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيأكلونه لا يغني عنهم شيئا ، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة فيغصون به ، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يجيزون الغصص بالماء ، فيستغيثوا بالشراب فيرفع لهم الحميم بالكلاليب ، فإذا دنا من وجوههم شواها ، فإذا وقع في بطونهم قطع أمعاءهم وما في بطونهم ، فيستغيثون بالملائكة يقولون : " ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب " فيجيبوهم " أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " أي : خسار وتبار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَـٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ} (50)

ولما سألوهم ، استأنفوا جوابهم إشارة إلى ما حصل من تشوف السامع إليه ، معرفين لهم بسياقه بالسبب ، الجاعل لهم في محل الاطراح والسفول عن التأهل لأن يسمع لهم كلام ، فقال تعالى مخبراً عنهم : { قالوا } أي الخزنة . ولما كان التقدير : ألم تكن لكم عقول تهديكم إلى الاعتقاد الحق ، عطف عليه قوله إلزاماً لهم الحجة وتوبيخاً وتنديماً بتفويت أوقات الدعاء المجاب : { أولم } ولما كان المقام خطراً ، والمرام وعراً عسراً ، فكانوا محتاجين إلى الإيجاز ، قالوا مشيرين بذكر فعل الكون مع اقتضاء الحال للإيجاز إلى عراقة الرسل عليهم السلام في النصح المنجي من المخاوف بالمعجزات والرفق والتلّطف وطول الأناة والحلم والصبر مع شرف النسب وطهارة الشيم وحسن الأخلاق وبداعة الهيئات والمناظر ولطافة العشرة وجلالة المناصب : { تك } بإسقاط النون مع التصوير للحال بالمضارع { تأتيكم } على سبيل التجدد شيئاً في أثر شيء { رسلكم } أي الذين هم منكم فأنتم جديرون بالإصغاء إليهم والإقبال عليهم ، لأن الجنس إلى الجنس أميل ، والإنسان من مثله أقبل { بالبينات } أي التي لا شيء أوضح منها { قالوا } أي الكفار : { بلى } أي أتونا كذلك ، ثم استأنفوا جوابهم لما حصل من التشوف إليه بما حاصله عدم إجابتهم فسببوا عن إخبارهم بعدم إجابتهم للرسل عدم إجابة دعائهم فقال تعالى مخبراً عنهم : { قالوا } أي الخزنة : { فادعوا } أي أنتم الآن الله أو أهل الله من رسل البشر أو الملائكة أو غيرهم ، أو لا تدعوا فإنه لا يسمع لكم .

ولما كان أمرهم بالدعاء موجباً لأن يظنوا نفعه ، أتبعوه بما أيأسهم لأن ذلك أنكأ وأوجع وأشد عليهم وأفظع بقولهم : { وما } دعاؤكم - هكذا كان الأصل ، ولكنه أتى بالوصف تعليقاً للحكم به فقال : { دعاءُ الكافرين } أي الساترين لمرائي عقولهم عن أنوار العقل المؤيد بصحيح النقل { إلا في ضلال * } أي ذهاب في غير طريق موصل كما كانوا هم في الدنيا كذلك فإن الدنيا مزرعة الآخرة ، من زرع شيئاً في الدنيا حصده في الآخرة ، والآخرة ثمرة الدنيا لا تثمر إلا من جنس ما غرس في الدنيا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَـٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ} (50)

ثم تجيبهم ملائكة النار الخزنة { أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } استفهام توبيخ وتعنيف وإلزام للحجة وإشعار بعدم الجدوى من التذلل والندامة ؛ فقد مضى وقت التضرع والدعاء ؛ إذ كانت الدنيا زمانا لذلك فهي دار اختبار وابتلاء وعمل وتبليغ ؛ فقد بعث الله فيهم رسله يبلغونهم دعوته وينذرونهم لقاء يومهم هذا فأعرضوا وجحدوا واستكبروا فإذا نقضت الحياة الدنيا ووقعت الواقعة فحينئذ لا ينفع العمل أو الدعاء ولا تجدي الضراعة والتوبة .

قوله : { قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا } أقروا بتفريطهم وخطيئتهم ؛ إذ جحدوا نبوة المرسلين وكذبوا بما جاءوهم به . فقالت لهم الملائكة على سبيل التهكم والتيئيس زيادة في التنكيل بهم { فَادْعُوا } أي ادعوا أنتم أن يخفف عنكم شيئا من العذاب فإن لا نجترئ على مثل هذا الدعاء { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ } لا يستجاب للكافرين في النار دعاء . وأيما دعاء لهم حينئذ إنما هو ضرب من اليأس والعبث وهو صائر إلى البطلان والخيبة{[4024]} .


[4024]:الكشاف ج 3 ص 430-431 وتفسير النسفي ج 4 ص 81.