لما أجابوهم الخزنة بقولهم : { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بالبينات } ؟ قالوا : بلى والمعنى أن لولا إرسال الرسل كان للقوم أن يقولوا ما جاءنا من نذير . وهذه الآية تدل على أن الجواب لا يتحقق إلا بعد مجيء الشَّرْعِ . ثم إن أولئك الملائكة يقولون لهم : ادْعُوا أنتم فإنا لا نَتَجَرأ على ذلك ولا نشفع إلا بشرطين :
أحدهما : أن يكون المشفوع له مؤمناً .
والثاني : حصول الإذن في الشفاعة ، ولم يوجد شيء من هذين الشرطين لكن ادعوا أنتم .
وليس قولهم فادعوا لرجاء المنفعة ، ولكن لِلدلالة على الخيبة ، وأن المَلكَ المقرب إذا لم يسمعْ دعاؤه فيكف يسمع دعاء الكافر ؟ ثم صرحوا لهم بأنه لا أثر لدعائهم فقالوا : { دُعَاءُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أي يبطل ويَضِلّ ولا ينفعهم .
فإن قيل : إنه تعالى يمتنع عليه أن يتأذى من المجرمين يسبب جُرْأَتِهِمْ ، وإذا كان التَّأَذِّي محالاً كانت شهوة الانتقام ممتنعةً في حقه ، وإذا ثبت هذا فنقول إيصال هذه المضارّ العظيمة إلى أولئك الكفار إضرار خالٍ عن جميع جهات المنفعة فكيف يليق بالرحيم الكريم أن يعذب{[48326]} بترك الآلام أبَدَ الآبادِ ودَهْرَ الدَّاهرِينَ من غير أن يَرْحم حاجتهم ، ومن غير أن يسمع دعاءهم ، ومن غير أن يلتفت إلى تضرعهم وانكسارهم ، ولو أن أقسى الناس قلباً فعل مثل هذا التعذيب ببعض عَبِيدِهِ لأداء كَرَمُهُ ورحمته إلى العفو عنه مع أن هذا السيِّد في محل الحاجة والنفع و الضرر فأكرم الأكرمين كيف يليق به هذا الإضرار ؟
فالجواب : أن أفعال الله لا تُعَلَّل ، ولا يُسْأَلُ عما يَفْعَلُ وهم يُسْأَلُونَ فلما جاء الحكم الحق به في الكتاب الحق وجب الإقرار به والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.