تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ} (39)

أذن : رخِّص .

كان المؤمنون وهم في مكة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب من الله الإذن بالقتال ، وكان المشركون يؤذونهم ويظلمونهم ، فيأتون إلى النبيّ الكريم بين مضروبٍ ومشجوج في رأسه ، ويتظلمون إليه . فيقول لهم : « صبراً صبرا ، فإني لم أوذَن بالقتال » حتى هاجر وأنزل الله تعالى هذه الآية : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } .

وهذه كما يقول العلماء ، أولُ آيةٍ نزلت بالإذن بالقتال بعد ما نُهي عنه في نيّف وسبعين آية كما رواه الحاكم في المستدرَك عن ابن عباس .

لقد أُبيح للمؤمنين أن يقاتِلوا المشركين دفاعاً عن أنفسِهم وأموالهم ووطنهم ، وأن يردّوا اعتداءهم عليهم ، بسب ما نالهم من ظلم صبروا عليه طويلا .

ثم وعدهم الله بالنصر ودفع أذى المشركين عنهم : { وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } .

سبق ما ذكره القرآن الكريم في هذه الآية من الإذن بالقتال ، جميع القوانين الوضعية ، وهو أن الدفاع عن النفس والمال والوطن والعقيدة أمر مشروع مهما كانت نتائجه ، وأن المُدافع عن نفسه وماله ووطنه وعقيدته ، لا يؤاخذ أمام الله وأمام العدالة ولو قتل نفساً وأزهق أرواحا . وقد قررت الآية أن المسلمين مأذون لهم في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتُدي عليهم .

والآن وقد اعتدى علينا العدو الإسرائيلي وحلفاؤه الغربيون وسلب أرضنا ، فإن الله تعالى أذِن لنا بالدفاع عن مالنا وأنفسنا ووطننا ، فيجيب علينا أن نعدّ العدة ونتسلح بالإيمان الصادق ونعمل على استرداد مقدساتنا ، ولا يستطيع أحدٌ أن يلومنا إذا فعلنا ذلك ، بل إننا مقصّرون في حق ديننا وظننا إذا لم نفعل ذلك ومؤاخذون عند الله والرسول .

روى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس : قال لما أُخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيَّهم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ليهلكنَّ القوم فأنزل الله تعالى { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ . . . . } قال أبو بكر : فعرفتُ أنه سيكون قتال .

قراءات :

قرأ نافع وحفص : { أذن للذين يقاتلون } بضم الهمزة من أُذن وفتح التاء من يقاتلون ،

وقرأ ابن كثيرة وحمزة والكسائي : { أذن }بفتح الهمزة ، { للذين يقاتلون } بكسر التاء .