تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمۡ يَتَضَرَّعُونَ} (42)

البأساء : المشقة ، والعذاب الشديد .

الضراء : الضُرّ ضد النفع . يتضرعون : يظهرون الخضوع بتكلّف .

ثم بين أن من سنّته تعالى أخْذَ عباده بالشدائد لعلّهم يثوبون إلى رشدهم ، فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بالبأساء والضراء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } ، فلا يشُق عليك أيها الرسول ما تلاقيه من قومك . . . لقد بعثنا قبلك رسلاً إلى أمم كثيرة قبل أمتك فكذّبوهم ، فعاقبناهم لعلّهم يرجعون إلى الله .

لكنّ كثيراً من الناس يصلون إلى حال من الشرك والفجور لا يغيّرها بأس ولا يُحَوّلها بؤس فلا تجدي معهم العبر والمواعظ ، ومنهم تلك الأمم الذين أُرسل إليهم أولئك الأنبياء .

ولا تذهب بعيداً ، وحالنا نحن العربَ شاهد ودليل . . . لقد نزل بنا أكبر الشدائد وهاجمنا في ديارنا ألأَمُ الناس وأخبثُهم ، بل أخذوا قسما عزيزاً من بلادنا ، ومع ذلك لم نتعظ ولم نغير من حالنا شيئا . إننا لا زِلنا سادرين في غرورنا ، نتفاخر بماضينا ، غافلين عن عدونا الحاضر ، ويقتل بعضنا بعضاً طمعاً في مناصب فصّلها لهم عدوّ الأمة وخصيم الإسلام . . . لم نرجع إلى ديننا ، ولم نتضرع إلى ربنا ، بل تضرعنا إلى أعدائنا الألداء في أمريكا وأوروبا ، نطلب منهم النصر ، غافلين متعمدين عن أن النصر من عند الله ومن عند أنفسنا .