إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمۡ يَتَضَرَّعُونَ} (42)

وقولُه تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا } كلام مستأنفٌ مَسوقٌ لبيان أن منهم من لا يدعو الله تعالى عند إتيانِ العذاب أيضاً لتماديهم في الغيِّ والضلال لا يتأثرون بالزواجر التكوينية كما لا يتأثرون بالزواجر التنزيلية{[211]} . وتصديرُه بالجملة القَسَمية لإظهار مزيدِ الاهتمام بمضمونه ، ومفعول ( أرسلنا ) محذوف لما أن مقتضى المقام بيانُ حال المرسَل إليهم لا حالِ المرسلين ، أي وبالله لقد أرسلنا رسلاً { إلى أُمَمٍ } كثيرة { مِن قَبْلِكَ } أي كائنة من زمان قبلَ زمانك { فأخذناهم } أي فكذبوا رسلهم فأخذناهم { بالبأساء } أي بالشدة والفقر { والضراء } أي الضرر والآفات وهما صيغتا تأنيثٍ لا مذكر لهما { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } أي لكي يدعُوا الله تعالى في كشفها بالتضرّع والتذلل ويتوبوا إليه من كفرهم ومعاصيهم .


[211]:الزواجر التنزيلية هي الآيات المنزّلة التي من خلالها نهى الله عن فعل كذا وكذا. والآيات التكوينية هي ما ينبغي أن يراه الإنسان في الكون وفي نفسه بالنظر والتأمل وأن يتعظ به ويزدجر.