تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} (44)

مُبْلِسون : متحسرون ، يائسون من النجاة .

فلما أعرضوا عن الاتعاظ بما ابتليناهم من الفقر والمرض ، وأصرّوا على كفرهم ، ابتليناهم بعد ذلك بالرزق الواسع ، وفتحنا عليهم أبواب رخاء العيش وصحة الأجسام والأمن على الأنفس ، حتى إذا فرحوا بكل ذلك ولم يشكروا الله عليه ، جاءهم العذابُ بغتة ، فإذا هم متحسّرون يائسون من النجاة لا يجدون إليها سبيلا .

والخلاصة أن الله تعالى سلّط عليهم المكاره والشدائد ليعتبروا ويتعظوا ، فلما لم تجدِ معهم شيئا نَقَلَهم إلى حال هي ضدُّها ، ففتح عليهم أبواب الخيرات ، وسهّل لهم سبل الرزق والرخاء فلم ينتفعوا به أيضاً . عند ذاك أذاقهم جزاءهم العادل .

روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا ، على معاصيه ، ما يحب ، فإنما هو استدراج ، ثم تلا هذه الآية .

وروى مسلم عن صُهيب عن النبي أنه قال : «عجبا لأمر المؤمن ، إن أمْرَهُ كلّه خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابتْه سراءُ شكَر فكان خيراً له ، وإن أصابتْه ضراءُ صبرَ فكان خيراً له » .