الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن وَلِيّٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ يَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدّٖ مِّن سَبِيلٖ} (44)

قوله تعالى : " ومن يضلل الله " أي يخذله " فما له من ولي من بعده " هذا فيمن أعرض عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما دعاه إليه من الإيمان بالله والمودة في القربى ، ولم يصدقه في البعث وأن متاع الدنيا قليل . أي من أضله الله عن هذه الأشياء فلا يهديه هاد . " وترى الظالمين " أي الكافرين . " لما رأوا العذاب " يعني جهنم . وقيل رأوا العذاب عند الموت . " يقولون هل إلى مرد من سبيل " يطلبون أن يردوا إلى الدنيا ليعملوا بطاعة الله فلا يجابون إلى ذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن وَلِيّٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ يَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدّٖ مِّن سَبِيلٖ} (44)

قوله تعالى : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ( 44 ) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ( 45 ) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ } .

يبين الله أنه هو الهادي إلى سواء السبيل فهو الموفق عباده لسلوك الخير وسبيل الرشاد ، فمن يرد الله أن يهديه يوفقه لسلوك سبيل الهداية . ومن يرد أن يضله يخذله فيتيه ويشقى وهو قوله : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ } أي من يخذله الله عن الصواب والسداد فليس له من وليٍّ يليه فينفعه أو يهديه إلى سبيل الحق .

قوله : { وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ } أي ترى الكافرين الذين أشركوا بربهم لما عاينوا عذاب جهنم يوم القيامة يقولون لربهم وهم وجلون مذعورون مستيئسون : هل لنا يا ربنا من رجوع إلى الدنيا ؟ أو هل لنا من طريق إلى رجوعنا للدنيا ؟ فهم يتمنون الرجوع إلى الدنيا فرارا من هول ما رأوه من عذاب جهنم .