الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ إِحۡسَٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهٗا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهٗاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗ قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِي فِي ذُرِّيَّتِيٓۖ إِنِّي تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (15)

فيه سبع مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " ووصينا الإنسان بوالديه " بين اختلاف حال الإنسان مع أبويه ، فقد يطيعهما وقد يخالفهما ، أي فلا يبعد مثل هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقومه حتى يستجيب له البعض ويكفر البعض . فهذا وجه اتصال الكلام بعضه ببعض ، قاله القشيري .

الثانية- قوله تعالى : " حسنا " قراءة العامة " حُسناً " وكذا هو في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام . وقرأ ابن عباس والكوفيون " إحسانا " وحجتهم قوله تعالى في سورة ( الأنعام وبني إسرائيل ) : " وبالوالدين إحسانا " {[13831]} [ الأنعام : 151 ] وكذا هو في مصاحف الكوفة . وحجة القراءة الأولى قوله تعالى في سورة العنكبوت : " ووصينا الإنسان بوالديه حسنا " {[13832]} [ العنكبوت : 8 ] ولم يختلفوا فيها . والحسن خلاف القبح . والإحسان خلاف الإساءة . والتوصية الأمر . وقد مضى القول في هذا وفيمن نزلت{[13833]} .

الثالثة- قوله تعالى : " حملته أمه كرها ووضعته كرها " أي بكره ومشقة . وقراءة العامة بفتح الكاف . واختاره أبو عبيد ، قال : وكذلك لفظ الكره في كل القرآن بالفتح إلا التي في سورة البقرة : " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " {[13834]} [ البقرة : 216 ] لأن ذلك اسم وهذه كلها مصادر . وقرأ الكوفيون " كرها " بالضم . قيل : هما لغتان مثل الضعف والضعف والشهد والشهد ، قاله الكسائي ، وكذلك هو عند جميع البصريين . وقال الكسائي أيضا والفراء في الفرق بينهما : إن الكره ( بالضم ) ما حمل الإنسان على نفسه ، وبالفتح ما حمل على غيره ، أي قهرا وغضبا ، ولهذا قال بعض أهل العربية إن كرها ( بفتح الكاف ) لحن .

الرابعة- قوله تعالى : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " قال ابن عباس : إذا حملت تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهرا ، وإن حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرا . وروي أن عثمان قد أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر ، فأراد أن يقضي عليها بالحد ، فقال له علي رضي الله عنه : ليس ذلك عليها ، قال الله تعالى : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " وقال تعالى : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " [ البقرة : 233 ] فالرضاع أربعة وعشرون شهرا والحمل ستة أشهر ، فرجع عثمان عن قول ولم يحدها . وقد مضى في " البقرة " {[13835]} . وقيل : لم يعد ثلاثة أشهر في ابتداء الحمل ، لأن الولد فيها نطفة وعلقة ومضغة فلا يكون له ثقل يحس به ، وهو معنى قوله تعالى : " فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به " {[13836]} [ الأعراف : 189 ] . والفصال الفطام . وقد تقدم في " لقمان " {[13837]} الكلام فيه . وقرأ الحسن ويعقوب وغيرهما " وفصله " بفتح الفاء وسكون الصاد . وروي أن الآية نزلت في أبي بكر الصديق ، وكان حمله وفصاله في ثلاثين شهرا ، حملته أمه تسعة أشهر وأرضعته إحدى وعشرين شهرا . وفي الكلام إضمار ، أي ومدة حمله ومدة فصاله ثلاثون شهرا ، ولولا هذا الإضمار لنصب ثلاثون على الظرف وتغير المعنى .

الخامسة- قوله تعالى : " حتى إذا بلغ أشده " قال ابن عباس : " أشده " ثماني عشرة سنة . وقال في رواية عطاء عنه : إن أبا بكر صحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة ، وهم يريدون الشام للتجارة ، فنزلوا منزلا فيه سدرة ، فقعد النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها ، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك فسأله عن الدين . فقال الراهب : من الرجل الذي في ظل الشجرة ؟ فقال : ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب . فقال : هذا والله نبي ، وما استظل أحد تحتها بعد عيسى . فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق ، وكان لا يكاد يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره وحضره . فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة ، صدق أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية وثلاثين سنة . فلما بلغ أربعين سنة قال : " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي " الآية . وقال الشعبي وابن زيد : الأشد الحلم . وقال الحسن : هو بلوغ الأربعين . وعنه قيام الحجة عليه . وقد مضى في " الأنعام " الكلام{[13838]} في الآية . وقال السدي والضحاك : نزلت في سعد بن أبي وقاص . وقد تقدم{[13839]} . وقال الحسن : هي مرسلة نزلت على العموم . والله أعلم .

السادسة- قوله تعالى : " قال رب أوزعني " أي ألهمني . " أن أشكر نعمتك " في موضع نصب على المصدر ، أي شكر نعمتك " علي " أي ما أنعمت به علي من الهداية " وعلى والدي " بالتحنن والشفقة حتى ربياني صغيرا . وقيل : أنعمت علي بالصحة والعافية وعلى والدي بالغنى والثروة . وقال علي رضي الله عنه : هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أسلم أبواه جميعا ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أن أسلم أبواه غيره ، فأوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده . ووالده هو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم . وأمه أم الخير ، واسمها سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد . وأم أبيه أبي قحافة " قيلة " " بالياء المعجمة باثنتين من تحتها " . وامرأة أبي بكر الصديق اسمها " قتيلة " " بالتاء المعجمة باثنتين من فوقها " بنت عبد العزى . " وأن أعمل صالحا ترضاه " قال ابن عباس : فأجابه الله فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله منهم بلال وعامر بن فهيرة ، ولم يدع شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه . وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من أصبح منكم اليوم صائما ] ؟ قال أبو بكر أنا . قال : [ فمن تبع منكم اليوم جنازة ] ؟ قال أبو بكر أنا . قال : [ فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ] ؟ قال أبو بكر أنا . قال : [ فمن عاد منكم اليوم مريضا ] ؟ قال أبو بكر أنا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ] .

السابعة- قوله تعالى : " وأصلح لي في ذريتي " أي اجعل ذريتي صالحين . قال ابن عباس : فلم يبق له ولد ولا والد ولا والدة إلا امنوا بالله وحده . ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله أسلم هو وأبواه وأولاده وبناته كلهم إلا أبو بكر . وقال سهل بن عبد الله : المعنى اجعلهم لي خلف صدق ، ولك عبيد حق . وقال أبو عثمان : اجعلهم أبرارا لي مطيعين لك . وقال ابن عطاء : وفقهم لصالح أعمال ترضى بها عنهم . وقال محمد بن علي : لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا . وقال مالك بن مقول : اشتكى أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف ، فقال : استعن عليه بهذه الآية ، وتلا : " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين " . " إني تبت إليك " قال ابن عباس : رجعت عن الأمر الذي كنت عليه . " وإني من المسلمين " أي المخلصين بالتوحيد .


[13831]:آية 151 سورة الأنعام، 23 سورة الإسراء.
[13832]:آية 8.
[13833]:راجع ج 13 ص 328.
[13834]:آية 216.
[13835]:راجع ج 3 ص 160 وما بعدها.
[13836]:آية 189 سورة الأعراف.
[13837]:راجع ج 14 ص 64 وما بعدها.
[13838]:راجع ج 7 ص 134 وما بعدها.
[13839]:راجع ج 13 ص 328 و ج 14 ص 63.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ إِحۡسَٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهٗا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهٗاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗ قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِي فِي ذُرِّيَّتِيٓۖ إِنِّي تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (15)

ولما تفضل سبحانه وتعالى على الإنسان بعد الأعمال التي هيأه لها وأقدره عليها ووفقه لها أسباباً قرن بالوصية بطاعته - لكونه المبدع - الوصية بالوالدين لكونه تعالى جعله سبب الإيجاد ، فقال في هذا السياق الذي {[58715]}عد فيه{[58716]} الأعمال لكونه{[58717]} سياق الإحسان التي أفضلها الصلاة على ميقاتها ، وثانيها في الرتبة بر الوالدين كما في الصحيح{[58718]} ، وفي الترمذي{[58719]} : " رضى الله{[58720]} في رضى الوالدين و{[58721]}سخطه {[58722]}في سخطهما{[58723]} " وعلى هذا المنوال جرت عادة القرآن يوصي بطاعة الوالدين بعد الأمر بعبادته{ وإذ {[58724]}أخذ الله{[58725]} ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً- }[ البقرة : 83 ] { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً{[58726]} }[ النساء : 36 ] وكذا ما بعدهما{[58727]} عاطفاً على ما قدرته أول السورة من نحو{[58728]} أن يقال : وأمرنا الناس أجميعن أن يكونوا بطاعتنا في مهلة الأجل عاملين ولمعصيتنا مجتنبين : { ووصينا الإنسان } أي هذا النوع الذي أنس بنفسه { بوالديه } ولما استوفى { وصى } مفعوليه{[58729]} كان التقدير : ليأتي إليهما حسناً ، وقرأ الكوفيون : { إحساناً } وهو أوفق للسياق .

ولما كان حق الأب ظاهراً لا له من الكسب والإنفاق والذب والتأديب لم يذكره ، وذكر ما للأم لأن أمده يسير ، فربما استهين به فقال مستأنفاً أو{[58730]} معللاً : { حملته أمه } أي بعد أن وضعه أبوه بمشاركتها في أحشائها ، حملاً { كرهاً } بثقل الحبل وأمراضه وأوصابه وأعراضه { ووضعته } أي بعد تمام مدة حمله { كرهاً } فدل{[58731]} هذا - مع دلالته على وجوب حق الأم - على أن الأمر في تكوينه لله وحده ، وذكر أوسط ما للأم من مدة التعب بذكر أقل مدة الحمل وأنهى مدة الرضاع لانضباطها فقال تعالى : { وحمله وفصاله } أي و-{[58732]}مدة حمله وغاية فطامه{[58733]} من الرضاع ، وعبر بالفصال لإرادة النهاية لأن الفطام قد يكون قبل النهاية لغرض ثم تظهر الحاجة فتعاد الرضاعة { ثلاثون شهراً } فانصرف الفصال إلى الكامل الذي تقدم في البقرة فعرف أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وبه قال الأطباء ، وربما {[58734]}أشعر{[58735]} بأن أقل مدة الرضاع سنة وتسعة أشهر لأن أغلب الحمل تسعة أشهر .

ولما كان ما بعد ذلك تارة يشترك{[58736]} في مؤنته{[58737]} الأبوان وتارة ينفرد أحدهما ، طوي ذكرهما ، وذكر حرف الغاية مقسماً للموصي{[58738]} إلى قسمين : مطيع وعاصي ، ذاكراً ما لكل من الجزاء بشارة ونذارة ، إرشاداً إلى أن المعنى : واستمر كلاًّ على أبويه أو أحدهما { حتى{[58739]} إذا بلغ أشده } قال في القاموس : قوته ، وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين ، واحد جاء على بناء الجمع كأنك ولا نظير لهما ، أو جمع لا واحد له من لفظه ، أو واحده شدة بالكسر مع أن-{[58740]} فعلة لا{[58741]} تجمع على أفعل ، أو شد ككلب وأكلب أو شد كذئب وأذؤب ، وما هما{[58742]} بمسموعين بل قياس - انتهى{[58743]} ، وقد مضى في سورة يوسف ما ينفع هنا جداً{[58744]} ، وروى الطبراني{[58745]} في ترجمة ابن-{[58746]} أحمد بن لبيد البيروتي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : الأشد ثلاث وثلاثون سنة ، {[58747]}وهو الذي{[58748]} رفع عليه{[58749]} عيسى ابن مريم - قال{[58750]} الهيثمي : وفيه صدقة بن يزيد وثقه أبو زرعة وأبو حاتم وضعفه أحمد وجماعة وبقية رجاله ثقات ، قال الزمخشري{[58751]} : وهو أول الأشد وغايته الأربعون .

ولما كانت أيام الصبى والشباب وإن كانت صفوة عمر الإنسان وأوقات لذاذته{[58752]} ومجتمع شمله وراحاته فيها يظهِر له سر عمره في الغالب لغلبة الأنفس الخبيثة عليه البهيمية والسبعية لما يحملانه{[58753]} عليه من نتائج الشهوات ونوازع الغضب والبطالات ، عبر بما يدل على القحط والشؤم والضيق تنبيهاً على ذلك ، فقال شارحاً للاستواء ومعبراً عنه : { وبلغ أربعين سنة }-{[58754]} فاجتمع أشده {[58755]}وتم حزمه{[58756]} وجده ، وزالت عنه شرة{[58757]} الشباب وطيش الصبا ورعونة الجهل ، ولذلك كان هذا السن وقت بعثة الأنبياء ، وهو يشعر بأن أوقات الصبى أخف{[58758]} في المؤاخذة{[58759]} مما بعدها وكذا ما بين أول الأشد{[58760]} والأربعين { قال } إن كان محسناً قابلاً لوصية ربه : { رب } أي أيها المحسن إليّ بالإيجاد وتيسير{[58761]} الأبوين وغيرهما وتسخيره { أوزعني } أي اجعلني أطيق { أن أشكر نعمتك } أي وازعاً للشكر{[58762]} أي كافاً مرتبطاً حتى لا يغلبني في وقت من الأوقات ، وذلك الشكر بالتوحيد في العبادة كما أنه يوحد بنعمة الإيجاد والترزيق ، ووحدها تعظيماً للأمر بالإشارة إلى أن النعمة الواحدة لا يبلغ شكرها إلا بمعونة الله مع أن ذكر الأبوين يعرف أن المراد بها الجنس .

ولما كان ربما ظن ظان{[58763]} أن المراد بنعمته قدرته على الإنعام ليكون المعنى : أن أشكر لك لكونك قادراً على الإنعام ، قال{[58764]} : { التي أنعمت عليّ } أي بالفعل لوجوب ذلك عليّ لخصوصه بي { وعلى والديّ } ولو بمطلق الإيجاد والعافية في البدن ، لأن النعمة عليهما نعمة عليّ ، وقد مضى في النمل ما يتعين استحضاره هنا .

ولما كان المقصود الأعظم من النعمة الماضية نعمة الإيجاد المراد من شكرها التوحيد ، أتبعها تمام-{[58765]} الشكر فقال : { وأن أعمل } أي-{[58766]} أنا في خاصة نفسي { صالحاً }-{[58767]} . ولما كان الصالح في نفسه قد يقع الموقع لعدم الإذن فيه قال : { ترضاه } والتنكير{[58768]} إشارة إلى العجز عن بلوغ الغاية فإنه لن{[58769]} يقّدر الله حق قدره أحد .

ولما دعا{[58770]} لنفسه بعد أن أوصى برعاية حق أبيه ، لقنه{[58771]} سبحانه الدعاء لمن يتفرع منه{[58772]} ، حثاً على رعاية حقوقهم لئلا يسلطهم على عقوقه فقال : { وأصلح } أي أوقع الإصلاح ، وقال : { لي في ذريتي } لأن صلاحهم يلحقه نفعه ، والمراد بقصر الفعل وجعلهم ظرفاً له أن يكون ثابتاً راسخاً سارياً فيهم وهم محيطون به فيكونوا صالحين .

ولما استحضر عند كمال العقل في الأربعين أن ما مضى من العمر كان أغلبه ضائعاً فدعا ، وكان من شرط قبول الدعاء التوبة ، علله بقوله : { إني تبت } أي رجعت { إليك } أي عن كل ما يقدح في الإقبال عليك ، وأكده إعلاماً بأن حاله في الإقبال على الشهوات حال من يبعد {[58773]}منه الإقلاع فينكر{[58774]} إخباره به ، وكذا قوله : { وإني من المسلمين * } أي الذين أسلموا ظواهرهم وبواطنهم لك{[58775]} فانقادوا أتم انقياد {[58776]}وأحسنه{[58777]} .


[58715]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فيه عد.
[58716]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فيه عد.
[58717]:زيد من ظ و م ومد.
[58718]:راجع أبواب مواقيت الصلاة.
[58719]:راجع أبواب البر.
[58720]:زيد في الأصل و ظ: عنه، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[58721]:زيد في الأصل و ظ :في، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58722]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: وفي سخطها.
[58723]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: وفي سخطها.
[58724]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أخذنا.
[58725]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أخذنا.
[58726]:زيد من م ومد.
[58727]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بعد هنا.
[58728]:زيد من م ومد.
[58729]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: معموليه.
[58730]:من ظ و م ومد، وفي الأصل "و".
[58731]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بدل.
[58732]:زيد من مد.
[58733]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فصاله.
[58734]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أشعر أن.
[58735]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أشعر أن.
[58736]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: يستندل.
[58737]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: مؤنة.
[58738]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: موص.
[58739]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فصاله.
[58740]:زيد من م ومد.
[58741]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: على.
[58742]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:هم.
[58743]:زيد في الأصل: وبلغ أربعين سنة، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58744]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: جيد.
[58745]:راجع لقول ابن عباس مجمع الزوائد7/106.
[58746]:زيد من ظ و م ومد.
[58747]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: هي التي.
[58748]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: هي التي.
[58749]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عليها.
[58750]:زيد في الأصل: الحافظ ابن حجر، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58751]:في الكشاف
[58752]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: لذاذته.
[58753]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يحملان.
[58754]:زيد من م ومد.
[58755]:من م ومد، وفي الأصل: بلغ حرمه، وفي ظ: بلغ حزمه.
[58756]:من م ومد، وفي الأصل: بلغ حرمه، وفي ظ: بلغ حزمه.
[58757]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: شدة.
[58758]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أخذ.
[58759]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الموجدة.
[58760]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الاشداد.
[58761]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: تيسر.
[58762]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: الكر.
[58763]:سقط من ظ و م ومد.
[58764]:زيد في الأصل و ظ: تعالى، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58765]:زيد من م ومد.
[58766]:زيد من ظ و م ومد.
[58767]:من ظ و م ومد.
[58768]:من ظ و م، وفي الأصل ومد: الشكر.
[58769]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:لأن.
[58770]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ادعى.
[58771]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لفت.
[58772]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: من هذا المواد بعد ذلك فقال تعالى.
[58773]:من م ومد، وفي الأصل: عنه الإقبال فينكره، وفي ظ:عنه الاقلاع فينكره.
[58774]:من م ومد، وفي الأصل: عنه الإقبال فينكره، وفي ظ:عنه الاقلاع فينكره.
[58775]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لكم.
[58776]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58777]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.