الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ إِحۡسَٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهٗا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهٗاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗ قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِي فِي ذُرِّيَّتِيٓۖ إِنِّي تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (15)

أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه { ووصينا الإِنسان بوالديه إحساناً } إلى قوله : { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { حملته أمه كرهاً } قال : مشقة عليها .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قال : «وحمله وفصله » بغير ألف .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد الله الجهني قال : تزوّج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماماً لستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان فأمر برجمها ، فبلغ ذلك علياً رضي الله عنه ، فأتاه فقال : ما تصنع ؟ قال : ولدت تماماً لستة أشهر وهل يكون ذلك ؟ قال علي رضي الله عنه : أما سمعت الله تعالى يقول : { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } وقال : { حولين كاملين } [ البقرة : 233 ] فكم تجده بقي إلا ستة أشهر ؟ فقال عثمان رضي الله عنه . والله ما فطنت لهذا ، علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها . وكان من قولها لأختها : يا أخيه لا تحزني فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره . قال : فشب الغلام بعدُ فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به . قال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضواً عضواً على فراشه .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي قال : رفع إلى عمر رضي الله عنه امرأة ولدت لستة أشهر فسأل عنها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال علي رضي الله عنه : لا رجم عليها ألا ترى أنه يقول { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } وقال : { وفصاله في عامين } [ لقمان : 14 ] وكان الحمل ههنا ستة أشهر . فتركها عمر رضي الله عنه . قال : ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن نافع بن جبير أن ابن عباس أخبره قال : إني لصاحب المرأة التي أتي بها عمر وضعت لستة أشهر فأنكر الناس ذلك ، فقلت لعمر : لا تظلم . قال : كيف ؟ قلت : اقرأ { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } [ البقرة : 233 ] كم الحول ؟ قال : سنة . قلت : كم السنة ؟ قال : اثنا عشر شهراً . قلت : فأربعة وعشرون شهراً حولان كاملان ويؤخر الله من الحمل ما شاء ويقدم . قال : فاستراح عمر رضي الله عنه إلى قولي .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي عبيدة مولى عبد الرحمن بن عوف قال : رفعت امرأة إلى عثمان رضي الله عنه ولدت لستة أشهر ، فقال عثمان : إنها قد رفعت إلي امرأة ما أراها إلا جاءت بشرّ فقال ابن عباس : إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر ؟ وقرأ { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } .

فدرأ عثمان عنها .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول : إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع إحدى وعشرون شهراً ، وإذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرون شهراً ؛ وإذا وضعت لستة أشهر فحولين كاملين ، لأن الله تعالى يقول { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قلت لمسروق رضي الله عنه : متى يؤخذ الرجل بذنوبه ؟ قال : إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك .

وأخرج ابن الجوزي في كتاب الحدائق بسند ضعيف عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «إن الله أمر الحافظين فقال لهما رفقاً بعبدي في حداثته فإذا بلغ الأربعين فاحفظا وحققا » .

وأخرج أبو الفتح الأزدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً «من أتى عليه الأربعون سنة فلم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن مغول قال شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف فقال طلحة رضي الله عنه : استعن عليه بهذه الآية { رب أوزعني أن أشكر نعمتك } الآية .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني } الآية . فاستجاب الله له فأسلم والداه جميعاً وإخوانه وولده كلهم ، ونزلت فيه أيضاً { فأما من أعطى واتقى } الآية . [ الليل : 5 ] ، إلى آخر السورة .

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه { وأصلح لي في ذريتي } قال : اجعلهم لي صالحين .