الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَتِلۡكَ عَادٞۖ جَحَدُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَعَصَوۡاْ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (59)

قوله تعالى : " وتلك عاد " ابتداء وخبر . وحكى الكسائي أن من العرب من لا يصرف " عادا " فيجعله اسما للقبيلة . " جحدوا بآيات ربهم " أي كذبوا بالمعجزات وأنكروها . " وعصوا رسله " يعني هودا وحده ؛ لأنه لم يرسل إليهم من الرسل سواه . ونظيره قوله تعالى : " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات " {[8736]} [ المؤمنون : 51 ] يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحده ؛ لأنه لم يكن في عصره رسول سواه ، وإنما جمع ههنا ؛ لأن من كذب رسولا واحدا فقد كفر بجميع الرسل . وقيل : عصوا هودا والرسل قبله ، وكانوا بحيث لو أرسل إليهم ألف رسول لجحدوا الكل . " واتبعوا أمر كل جبار عنيد " أي اتبع سُقَّاطُهم رؤساءهم . والجبار المتكبر . والعنيد الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يذعن{[8737]} له . قال أبو عبيد : العنيد والعَنُود والعاند والمعاند المعارض بالخلاف ، ومنه قيل للعرق الذي ينفجر بالدم عاند . وقال الراجز :

إني كبيرٌ لا أطيق العُنَّدا{[8738]}


[8736]:راجع ج 12 ص 127.
[8737]:في ع: ينقاد.
[8738]:صدر البيت: إذا رحلت فاجعلوني وسطا