محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَتِلۡكَ عَادٞۖ جَحَدُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَعَصَوۡاْ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (59)

[ 59 ] { وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد 59 } .

{ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله } تأنيث اسم الإشارة ، باعتبار القبيلة . وصيغة البعيد لتحقيرهم ، أو لتنزيلهم منزلة البعيد ، لعدمهم . وإذا كانت الإشارة لمصارعهم ، فهي للبعيد المحسوس . وتعدي الجحود بالباء حملا له على الكفر ، لأنه المراد . أو بتضمينه معناه ، كما أن ( كفر ) جرى مجرى ( جحد ) . فتعدى بنفسه في قوله{[4863]} : { كفروا ربهم } وقيل : ( كفر ) ك ( شكر ) يتعدى بنفسه وبالحرف . وظاهر كلام ( القاموس ) : أن ( جحد ) كذلك .

والمعنى : كفروا بالله ، وأنكروا آياته التي في الأنفس والآفاق الدالة على وحدانيته . وجمع ( الرسل ) ، مع أنه لم يرسل إليهم غير هود عليه الصلاة والسلام ، تفظيعا لحالهم ، وإظهارا لكمال كفرهم وعنادهم ، ببيان أن عصيانهم له ، عليه الصلاة والسلام ، عصيان لجميع الرسل السابقين واللاحقين ، لاتفاق كلمتهم على التوحيد{[4864]} { لا نفرق بين أحد من رسله } كذا في ( العناية وأبي السعود ) .

{ واتبعوا } أي أطاعوا في الشرك { أمر كل جبار عنيد } لا يستدل بدليل ، ولا يقبله من غيره . يريد رؤساءهم وكبراءهم ، ودعاتهم إلى تكذيب الرسل .


[4863]:[11 / هود / 60].
[4864]:[2 / البقرة / 136].