السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَتِلۡكَ عَادٞۖ جَحَدُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَعَصَوۡاْ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (59)

ولما ذكر الله تعالى قصة عاد خاطب أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال : { وتلك عاد } وهو إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه تعالى قال : سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا ، ثم إنه تعالى جمع أوصافهم ثم ذكر عاقبة أحوالهم في الدنيا والآخرة ، أمّا أوصافهم فثلاثة : الصفة الأولى : قوله تعالى : { جحدوا بآيات ربهم } ، أي : بالمعجزات التي أتى بها هود عليه السلام . الصفة الثانية : قوله تعالى : { وعصوا رسله } ، أي : هوداً وحده ، وإنما أتى به بلفظ الجمع إمّا للتعظيم ، أو لأنّ من عصى رسولاً فقد عصى جميع الرسل لقوله تعالى : { لا نفرّق بين أحد من رسله } [ البقرة ، 285 ] . الصفة الثالثة : قوله تعالى : { واتبعوا أمر كل جبارٍ عنيد } ، أي : أنّ السفلة كانوا يقلدون الرؤساء في قولهم : { ما هذا إلا بشر مثلكم } [ المؤمنون ، 24 ] فأطاعوا من دعاهم إلى الكفر وما يرديهم ، وعصوا من دعاهم إلى الإيمان ولا يرديهم ، والجبار : المرتفع المتمرد ، والعنيد والعنود والمعاند هو المنازع المعارض .