الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِي وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ} (110)

" فاتخذتموهم سخريا " بالضم قراءة نافع وحمزة والكسائي ها هنا وفي " ص " {[11725]} . وكسر الباقون . قال النحاس : وفرق أبو عمرو بينهما ، فجعل المكسورة من جهة التهزؤ ، والمضمومة من جهة السخرة ، ولا يعرف هذا التفريق الخليل ولا سيبويه ولا الكسائي ولا الفراء . قال الكسائي : هما لغتان بمعنى واحد ، كما يقال : عُصِي وعِصِي ، ولُجِيّ ولِجِي . وحكى الثعلبي عن الكسائي والفراء الفرق الذي ذكره أبو عمرو ، وأن الكسر بمعنى الاستهزاء والسخرية بالقول ، والضم بمعنى التسخير والاستبعاد بالفعل . وقال المبرد : إنما يؤخذ التفريق بين المعاني عن العرب ، وأما التأويل فلا يكون . والكسر في سخري في المعنيين جميعا ؛ لأن الضمة تستثقل في مثل هذا . " حتى أنسوكم ذكري " أي [ حتى ]{[11726]} اشتغلتم بالاستهزاء بهم عن ذكرى . " وكنتم منهم تضحكون " استهزاء بهم ، وأضاف الإنساء إلى المؤمنين لأنهم كانوا سببا لاشتغالهم عن ذكره ، وتعدّى شؤم استهزائهم بالمؤمنين إلى استيلاء الكفر على قلوبهم .


[11725]:راجع ج 15 ص 224 فما بعد.
[11726]:من ب.