الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ} (115)

قوله تعالى : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا " أي مهملين كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها ، مثل قوله تعالى : " أيحسب الإنسان أن يترك سدى " {[11728]} [ القيامة : 36 ] يريد كالبهائم مهملا لغير فائدة . قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي : إن الله تعالى خلق الخلق عبيدا ليعبدوه ، فيثيبهم على العبادة ويعاقبهم على تركها ، فإن عبدوه فهم اليوم له عبيد أحرار كرام من رق الدنيا ، ملوك في دار الإسلام ، وإن رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد أُبَّاقٌ سُقَّاطٌ لئامٌ ، وغدا أعداء في السجون بين أطباق النيران . و " عبثا " نصب على الحال عند سيبويه وقطرب . وقال أبو عبيدة : هو نصب على المصدر أو لأنه مفعول له . " وأنكم إلينا لا ترجعون " فتجازون بأعمالكم . قرأ حمزة والكسائي " ترجعون " بفتح التاء وكسر الجيم من الرجوع .


[11728]:راجع ج 19 ص 114 فما بعد.