قوله : «فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرياً » قرأ الأخوان ونافع هنا وفي ص{[33464]} بكسر السين . والباقون : بضمها في المَوْضعين {[33465]} .
و ( سِخْريًّا ) مفعول ثان للاتخاذ{[33466]} . واختلف في معناها فقال الخليل{[33467]} وسيبويه{[33468]} والكسائي{[33469]} وأبو زيد{[33470]} : هما بمعنى واحد{[33471]} نحو دُريّ{[33472]} ودِريّ ، وبَحْر لُجِّي ولِجِّي بضم اللام وكسرها . وقال يونس : إن أريد الخدمة والسخرة فالضم لا غير ، وإن أريد الهزء فالضم والكسر{[33473]} ورَجّح أبو عليّ{[33474]} وتَبعه مكي{[33475]} قراءة الكسر ، قالا{[33476]} : لأنّ ما بعدها أَلْيَق لها لقوله : { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } . ولا حجة فيه ، لأنّهم جمعوا بين الأمرين سَخروهم في العمل ، وسَخِرُوا منهم استهزاءً . والسُّخْرَة بالتاء الاستخدام{[33477]} وسُخْرِيًّا بالضم منها ، والسُّخْر بدونها الهُزء والمكسور منه ، قال الأعشى :
إِنِّي أَتَانِي حَدِيثٌ لاَ أُسَرُّ بِهِ *** مِنْ علْو{[33478]} لاَ كذبٌ فِيهِ ولاَ سَخَرُ{[33479]}
ولم يختلف السبعة في ضم ما في الزخرف{[33480]} ، لأنّ المراد الاستخدام ، وهو يُقوِّي قول من فرّق بينهما ، إلاَّ أنَّ ابن محيصن وابن مسلم{[33481]} وأصحاب عبد الله كَسَرُوه أيضاً{[33482]} ، وهي مُقَوية لقول من جعلهما بمعنى والياء في سُخْريًّا وسِخْريًّا للنسب زيدت للدلالة على قوة الفعل ، فالسُّخْريّ أقوى من السُّخْر ، كما قيل{[33483]} في الخصوص خُصُوصيّة دلالة على قوة ذلك . قال معناه الزمخشري{[33484]} .
اعلم أنّه تعالى قرعهم بأمر يتصل بالمؤمنين قال مقاتل{[33485]} : إن رؤوس قريش مثل أبي جهل ، وعقبة وأبيّ بن خلف ، كانوا يستهزؤون بأصحاب محمدٍ ، ويضحكون بالفقراء منهم ، كبلال ، وخباب ، وعمّار ، وصهيب ، والمَعْنى : اتخذتموهم هزواً «حَتَّى أَنْسَوْكُمْ » بتشاغلكم بهم على تلك الصفة { ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ }{[33486]} ونظيره : { إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ }{[33487]} [ المطففين : 29 ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.