الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قَالُواْ طَـٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (19)

فقالت الرسل : " طائركم معكم " أي شؤمكم معكم أي حظكم من الخير والشر معكم ولازم في أعناقكم ، وليس هو من شؤمنا ، قال معناه الضحاك . وقال قتادة : أعمالكم معكم . ابن عباس : معناه الأرزاق والأقدار تتبعكم . الفراء : " طائركم معكم " رزقكم وعملكم ، والمعنى واحد . وقرأ الحسن : " أطيركم " أي تطيركم{[13203]} . " أئن ذكرتم " قال قتادة : إن ذكرتم تطيرتم . وفيه تسعة أوجه من القراءات : قرأ أهل المدينة : " أين ذكرتم " بتخفيف الهمزة الثانية . وقرأ أهل الكوفة : " أإن " بتحقيق الهمزتين . والوجه الثالث : " أاإن ذكرتم " بهمزتين بينهما ألف أدخلت الألف كراهة للجمع بين الهمزتين . والوجه الرابع : " أاإن " بهمزة بعدها ألف وبعد الألف همزة مخففة . والقراءة الخامسة " أاأن " بهمزتين مفتوحتين بينهما ألف . والوجه السادس : " أأن " بهمزتين محققتين مفتوحتين . وحكى الفراء : أن هذه القراءة قراءة أبي رزين . قلت : وحكاه الثعلبي عن زر بن حبيش وابن السميقع . وقرأ عيسى بن عمر والحسن البصري : " قالوا طائركم معكم أين ذكرتم " بمعنى حيث . وقرأ يزيد بن القعقاع والحسن وطلحة " ذكرتم " بالتخفيف ؛ ذكر جميعه النحاس . وذكر المهدوي عن طلحة بن مصرف وعيسى الهمذاني : " آن ذكرتم " بالمد ، على أن همزة الاستفهام دخلت على همزة مفتوحة . الماجشون : " أن ذكرتم " بهمزة واحدة مفتوحة . فهذه تسع قراءات . وقرأ ابن هرمز " طيركم معك " . " أئن ذكرتم " أي لإن وعظتم ، وهو كلام مستأنف ، أي إن وعظتم تطيرتم . وقيل : إنما تطيروا لما بلغهم أن كل نبي دعا قومه فلم يجيب كان عاقبتهم الهلاك . " بل أنتم قوم مسرفون " قال قتادة : مسرفون في تطيركم . يحيى بن سلام : مسرفون في كفركم . وقال ابن بحر : السرف ها هنا الفساد ، ومعناه بل أنتم قوم مفسدون . وقيل : مسرفون مشركون ، والإسراف مجاوزة الحد ، والمشرك يجاوز الحد .


[13203]:قال أبو حيان في هذه القراءة:" أطيركم" مصدر أطير الذي تطير فأدغمت التاء في الطاء، فاجتلبت همزة الوصل في الماضي والمصدر.