الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (65)

قوله تعالى : " يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال " أي حثهم وحضهم . يقال : حارض على الأمر وواظب وأكب بمعنى واحد . والحارض : الذي قد قارب الهلاك ، ومنه قوله عز وجل : " حتى تكون حرضا{[7795]} " [ يوسف : 85 ] أي تذوب غما ، فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين . " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " لفظ خبر ، ضمنه وعد بشرط ، لأن معناه إن يصبر منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين . وعشرون وثلاثون وأربعون كل واحد منها اسم موضوع على صورة الجمع لهذا العدد . ويجري هذا الاسم مجرى فلسطين . فإن قال قائل : لم كسر أول عشرين وفتح أول ثلاثين وما بعده إلى الثمانين إلا ستين ؟ فالجواب عند سيبويه أن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد ، فكسر أول عشرين كما كسر اثنان . والدليل على هذا قولهم : ستون وتسعون ، كما قيل : ستة وتسعة . وروى أبو داود عن ابن عباس قال : نزلت " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " فشق ذلك على المسلمين ، حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة


[7795]:راجع ج 9 ص 249 فما بعد.