الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (65)

أخرج البخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق سفيان بن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا } فكتب عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ، وأن لا يفر عشرون من مائتين ، ثم نزلت { الآن خفف الله عنكم . . . } الآية . فكتب أن لا يفر مائة من مائتين قال سفيان : وقال ابن شبرمة رضي الله عنه : وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا ، إن كانا رجلين أمرهما وإن كانا ثلاثة فهو في سعة من تركهم .

وأخرج البخاري والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ، فجاء التخفيف { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم .

وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : افترض أن يقاتل كل رجل عشرة ، فثقل ذلك عليهم وشق عليهم ، فوضع عنهم ورد عنهم إلى أن يقاتل الرجل الرجلين ، فأنزل الله في ذلك { وإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } إلى آخر الآيات .

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : افترض عليهم أن يقاتل كل رجل عشرة ، فثقل ذلك عليهم وشق عليهم ، فوضع عنهم ورد عنهم إلى أن يقاتل الرجل الرجلين ، فأنزل الله في ذلك { وإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } إلى آخر الآيات .

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية { يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال } ثقلت على المسلمين فأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ، ومائة ألفا ، فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى ، فقال { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا . . . } الآية . قال : فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم ، وإن كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم وجاز لهم أن يتحرزوا عنهم ، ثم عاتبهم في الأسارى وأخذ المغانم ولم يكن أحد قبله من الأنبياء عليهم السلام يأكل مغنما من عدو هو لله .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { إن يكن منكم عشرون صابرون . . . } الآية . قال : ففرض عليهم أن لا يفر رجل من عشرة ولا قوم من عشرة أمثالهم ، فجهد الناس ذلك وشق عليهم ، فنزلت الآية { الآن خفف الله عنكم } إلى قوله { ألفين } ففرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثليهم ، ونقص من الصبر بقدر ما تخفف عنهم من العدة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله { إن يكن منكم عشرون . . . } الآية . قال : كان يوم بدر ، جعل الله على المسلمين أن يقاتل الرجل الواحد منهم عشرة من المشركين لقطع دابرهم ، فلما هزم الله المشركين وقطع دابرهم خفف على المسلمين بعد ذلك ، فنزلت { الآن خفف الله عنكم } يعني بعد قتال بدر .

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } قال : نزلت في أهل بدر ، شدد عليهم فجاءت الرخصة بعد .

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : هذا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر جعل الله كل رجل منهم يقاتل عشرة من الكفار ، فضجوا من ذلك فجعل على كل رجل منهم قتال رجلين تخفيف من الله عز وجل .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمير رضي الله عنهما في قوله { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } قال : نزلت فينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .