الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ} (2)

قوله تعالى : " ووضعنا عنك وزرك " أي حططنا عنك ذنبك . وقرأ أنس " وحللنا ، وحططنا " . وقرأ ابن مسعود : " وحللنا عنك وقرك " . هذه الآية مثل قوله تعالى : " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر{[16169]} " [ الفتح : 2 ] . قيل : الجميع كان قبل النبوة . والوزر : الذنب ، أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ؛ لأنه كان صلى اللّه عليه وسلم في كثير من مذاهب قومه ، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا . قال قتادة والحسن والضحاك : كانت للنبي صلى اللّه عليه وسلم ذنوب أثقلته ، فغفرها اللّه له " الذي أنقض ظهرك " أي أثقله حتى سمع نقيضه ، أي صوته . وأهل اللغة يقولون : أنقض الحمل ظهر الناقة : إذا سمعت له صريرا من شدة الحمل . وكذلك سمعت نقيض الرحل ، أي صريره . قال جميل :

وحتى تداعت بالنَّقِيضِ حبالُه *** وهمت بِوَانِي زَوْرِه أن تَحَطَّمَا

بواني زوره : أي أصول صدره . فالوزر : الحمل الثقيل . قال المحاسبي : يعني ثقل الوزر لو لم يعف اللّه عنه .


[16169]:آية 2 سورة الفتح.