لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (170)

قوله جلّ ذكره : { وَالَّذِينَ يُمْسِّكُونَ بِالكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ } .

يمسكون بالكتاب إيماناً ، وأقاموا الصلاة إحساناً ، فبالإيمان وجدوا الأَمَان ، وبالإحسان وجدوا الرضوان ؛ فالأَمانُ مُعَجَّل والرضوان مؤجل . ويقال { يمسكون بالكتاب } سبب النجاة ، وإقامة الصلاة تحقق المناجاة . فالنجاة في المآل والمناجاة في الحال .

ويقال أفرد الصلاة ها هنا بالذكر عن جملة الطاعات ليُعْلمَ أنها أفضل العبادات بعد معرفة الذات والصفات .

قوله جلّ ذكره : { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُصْلِحِينَ } .

مَنْ أَمَّلَ سببَ إنعامنا لم تَخْسِرْ له صفقة ، ولم تخْفِق له في الرجاء رفقة ، ويقال من نقل ( . . . ) إلى بابه قَدَمَه لم يَعْدم في الآجل نِعمَهَ ، ومَنْ رَفَعَ إلى ساحاتِ جوده هِمَمَه نالَ في الحالِ كرمه .

ويقال مَنْ تَوَصَّلَ غليه بجوده نال في الدارين شَرَفَه . ومن اكتفى بجوده كان اللهُ عنه خَلَفَه .