الآية 170 ثم أخبر عن المؤمنين فقال : { والذين يمسكون بالكتاب } ما فيه من الحلال والحرام { وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين } .
الآية 171 وقوله تعالى : { وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلّة } قيل : دفعنا الجبل كقوله تعالى : { ورفعنا فوقهم الطور } [ النساء : 154 ] . وقيل : نتق : قطع . وقال بعضهم : حرف أخذ من كتبهم ، فلا ندري كيف كان ؟ وقيل : حرّكنا ، وهو قول القتبيّ .
وقال أبو عبيدة{[9082]} : كل شيء قلعته{[9083]} من موضعه ، فرميت به . ذكر هذا ، والله أعلم ، ليبصّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على سفه قومه ؛ لأن قوم موسى مع كثرة ما عاينوا من الآيات التي جرت على يدي موسى ، وعظيم ما كان لهم من موسى من النعم من استنقاذه إياهم من استرقاق فرعون وإخراجهم{[9084]} ، وفرق البحر لهم ، ومجاوزته بهم ، وتفجير الأنهار من الحجر ، وإنزال المن والسلوى .
فجميع ما كان لهم من موسى ما ذكرنا ، لم يقبلوا التوراة ، ولم يقرؤوا به إلا بعد رفع الجبل والإٍرسال . فعند ذلك قبلوا . يصبّر رسولنا لئلا يضجر على مخالفة قومه إياه وكثرة سفههم .
ثم يحتمل أن يكون ما ذكر من رفع الجبل فوقهم وجهين :
أحدهما : لمّا عاينوا ذلك آمنوا ، وقبلوا الكتاب . لكن ذلك منهم إيمان دفع ؛ إذ ذلك قهر ، ولا يكون في حال القهر إيمان .
والثاني : صيّر ذلك آية عظيمة وحجة واضحة معجزة ، فقبلوها ، وحقّقوا الإيمان ، ثم تركزا ذلك . يدل على ذلك ما ذكر في [ السورة الثانية حين ]{[9085]} قال : { ثم تولّيتم من بعد ذلك } [ البقرة : 64 ] .
وقيل : { فخلف من } بعد بني إسرائيل خلف السوء ، وهم اليهود ، { ورثوا الكتاب } قيل : التوراة عن آبائهم وأوائلهم { يأخذون عرض هذا الأدنى } قال : رشوة { ويقولون سيغفر لنا } وكانوا يرتشون ، ويقولون : يغفر لنا ؛ لأنهم زعموا أنهم { نحن أبناء الله وأحبّاؤه } [ المائدة : 18 ] { وإن يأتيهم عرض مثله } قيل : رشوة مثله أخذوها .
وقوله تعالى : { ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب } قالوا : لقد أخذ عليهم في التوراة ألاّ يستحلّوا محرّما /189-ب/ [ و{ أن لا يقولوا على الله إلا الحق } في التوراة { ودرسوا ما فيه } .
وقوله تعالى : { والدار الآخرة خير للذين يتقون } استحلال المحارم وأكلهم الحرام .
وقوله تعالى : { والذين يمسكون الكتاب } قيل : بالتوراة ، ولا يحرّفونه عن مواضعه ، ولا يستحلّون محرّما ]{[9086]} { وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.