ولا بد لهذه النشأة المحكمة المقدرة من نهاية كذلك مرسومة مقدرة . هذه النهاية يرسمها في مشهد من مشاهد القيامة ، حافل بالحركة والحوار على طريقة القرآن :
( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) . .
فهكذا يتضاءل في حسهم كل ما وراءهم قبل هذا اليوم ، فيقسمون : ما لبثوا غير ساعة . ويحتمل أن يكون قسمهم منصبا على مدة لبثهم في القبور ، كما يحتمل أن يكون ذلك عن لبثهم في الأرض أحياء وأمواتا . ( كذلك كانوا يؤفكون )ويصرفون عن الحق والتقدير الصحيح حتى يردهم أولو العلم الصحيح إلى التقدير الصحيح :
قوله تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ( 55 ) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 56 ) فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } .
ذلك إخبار عن هول من أهوال القيامة إذا قامت ، فحينئذ { يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } { الْمُجْرِمُونَ } هم الذين فرطوا في دينهم وزاغوا عن منهج الله الحكيم وآثروا الاعوجاج على الاستقامة والهدى ؛ أولئك ينالهم من الرعب والذعر واليأس ما ينالهم ، وهم إذا عاينوا شدائد القيامة ولمسوا فظائعها وفوادحها الثقال راحوا يحلفون-وهم واهمون- على أنهم { مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } أي يحلفون أنهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعة قصيرة عابرة من نهار ، أو أنهم لم يلبثوا في الدنيا غير ساعة . وذلك لسرعة انقطاعها وزوالها ، وقيل : يحلفون كاذبون . وهذه حالهم في الكذب في الدنيا ، وكذلك يكذبون في الآخرة .
وهو قوله : { كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } ، يُصرفون . أفكه عن رأيه : أي صرفه ، ورجل أفاك : أي كذاب{[3627]} والمعنى : مثل ذلك الصرف كانوا يُصرفون عن الحق أو الصدق في الدنيا . أي كانوا يكذبون ويصدون عن دين الله وهو الحق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.