فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

{ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة } أي القيامة ، وسميت ساعة لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا { يُقْسِمُ المجرمون مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } أي يحلفون ما لبثوا في الدنيا ، أو في قبورهم غير ساعة ، فيمكن أن يكونوا استقلوا مدّة لبثهم ، واستقرّ ذلك في أذهانهم ، فحلفوا عليه وهم يظنون أن حلفهم مطابق للواقع . وقال ابن قتيبة : إنهم كذبوا في هذا الوقت كما كانوا يكذبون من قبل ، وهذا هو الظاهر ؛ لأنهم إن أرادوا لبثهم في الدنيا ، فقد علم كل واحد منهم مقداره ، وإن أرادوا لبثهم في القبور فقد حلفوا على جهالة إن كانوا لا يعرفون الأوقات في البرزخ { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } يقال أفك الرجل : إذا صرف عن الصدق ، فالمعنى : مثل ذلك الصرف كانوا يصرفون . وقيل : المراد يصرفون عن الحق . وقيل : عن الخير ، والأوّل أولى ، وهو دليل على أن حلفهم كذب .

/خ60