فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

{ ويوم تقوم } أي : توجد وتحصل { الساعة } أي : القيامة ، وهي النفخة الثانية ، وسميت ساعة لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا ، أو لأنها تقع بغتة { يقسم المجرمون } أي : يحلف المشركون والكافرون المنكرون للبعث بأنهم { ما لبثوا } في الدنيا ، قاله الخطيب ، والكشاف ، والقاضي{[1367]} أو في قبورهم ، قاله مقاتل والكلبي .

{ غير ساعة } فيمكن أن يكونوا استقلوا مدة لبثهم ، واستقر ذلك في أذهانهم فحلفوا عليه ، وهم يظنون أن حلفهم مطابق للواقع ، وقال ابن قتيبة : إنهم كذبوا في هذا الوقت ، كما كانوا يكذبون من قبل ، وهذا هو الظاهر لأنهم إن أرادوا لبثهم في الدنيا ، فقد علم كل واحد منهم مقداره ، وإن أرادوا لبثهم في القبور فقد حلفوا على جهالة أن ؟ كانوا لا يعرفون الأوقات في البرزخ .

{ كذلك } الصرف { كانوا يؤفكون } أي : يصرفون ويقولون : ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ، يقال : أفك الرجل إذا صرف عن الصدق والحق . وقيل : المراد يصرفون عن الحق ، وقيل : عن الخير ، والأول أولى ، وهو دليل على أن حلفهم كذب .


[1367]:يعني بالقاضي الإمام الجهبذ أبو بكر بن العربي في كتابه "أحكام القرآن"