السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

ولما ثبتت قدرته تعالى على البعث وغيره عطف على قوله أول السورة { ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون } : { ويوم تقوم الساعة } أي : القيامة سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا ، أو لأنها تقع بغتة ، أو إعلاماً بتيسيرها على الله تعالى ، وصارت علماً عليها بالغلبة كالكوكب للزهرة { يقسم } أي : يحلف { المجرمون } أي : الكافرون . وقوله تعالى { ما لبثوا } جواب قوله تعالى يقسم وهو على المعنى إذ لو حكي قولهم بعينه لقيل ما لبثنا أي : في الدنيا { غير ساعة } استقلوا أجل الدنيا لما عاينوا في الآخرة ، وقال مقاتل والكلبي : ما لبثوا في قبورهم غير ساعة كما قال تعالى { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } ( النازعات : 46 ) وكما قال تعالى { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } ( الأحقاف : 35 )

وقيل : فيما بين فناء الدنيا والبعث . وفي حديث رواه الشيخان : «ما بين النفختين أربعون » وهو محتمل للساعات والأيام والأعوام { كذلك } أي : مثل ذلك الصرف عن حقائق الأمور إلى شكوكها { كانوا } في الدنيا كوناً هو كالجبلة لهم { يؤفكون } أي : يصرفون عن الحق في الدنيا ، وقال مقاتل والكلبي : كذبوا في قولهم غير ساعة كما كذبوا في الدنيا أن لا بعث ، والمعنى : أنّ الله تعالى أراد أن يفضحهم فحلفوا على شيء تبين لأهل الجمع أنهم كاذبون فيه .