تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

الآية 55 وقوله تعالى : { ويم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة } قال بعض أهل التأويل : يقسم المجرمون أنهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعة . وكذلك يقولون في قوله : { قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين } { قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم } الآية [ المؤمنون : 112 و113 ] .

لكن الأشبه( {[16137]} ) أن يكون قوله : { يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة } في الدنيا في المحنة لا في القبور .

استقصروا مقامهم في الدنيا تكذيبا لما ادعي عليهم من الزلات( {[16138]} ) والمعاصي وأنواع الكفر . يقولون : إنا لبثنا في الدنيا وقتا ، لا يكون منا في مثل ذلك الوقت وقدر تلك المدة [ مثل هذه الزلات ]( {[16139]} ) والمعاصي .

ألا ترى أنهم قد كذبوا في إنكارهم طول المقام حتى( {[16140]} ) قال : { كذلك كانوا يؤفكون } أي كذلك كانوا يكذّبون في الدنيا أن لا بعث ، ولا حياة بعد الموت ، ولا حساب . ولولا هذا التكذيب لهم على إثر قولهم : { ما لبثوا غير ساعة } لكان( {[16141]} ) الظاهر أنهم قد استقصروا المقام في الدنيا لطول المقام في الآخرة وشدة العذاب في ذلك وهوله . لكنه ، والله أعلم ، ما ذكرنا أنهم يقسمون أنهم ما لبثوا غير ساعة في الدنيا إنكارا وجحودا لما ادعي عليهم من الزلات( {[16142]} ) والمعاصي .

يقولون : إنا لم نلبث في الدنيا إلا ساعة ، كيف عملنا هذه الزلات( {[16143]} ) وأنواع الشرك والكفر ؟ { كذلك كانوا يؤفكون } أي كذلك ، كانوا يكذّبون في الدنيا ، ويقسمون حتى( {[16144]} ) قال : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت } [ النحل : 38 ] فذلك القسم منهم أنهم ما لبثوا غير ساعة كذب وإنكار للمقام كما كذبوا ، وأنكروا الشرك حين( {[16145]} ) { قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } [ الأنعام : 23 ] .


[16137]:في الأصل: لا شبهه، في م: لا شبه.
[16138]:في الأصل وم: الزلل.
[16139]:في الأصل وم: الزلل.
[16140]:في الأصل وم: حيث.
[16141]:في الأصل وم: وإلا كان..
[16142]:في الأصل وم: الزلل.
[16143]:في الأصل وم: الزلل
[16144]:في الأصل وم: حيث.
[16145]:في الأصل وم: حيث.