في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

83

يبدأ الحديث عن ذي القرنين بشيء عنه :

( إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا ) . .

لقد مكن الله له في الأرض ، فأعطاه سلطانا وطيد الدعائم ؛ ويسر له أسباب الحكم والفتح ، وأسباب البناء والعمران ، وأسباب السلطان والمتاع . . وسائر ما هو من شأن البشر أن يمكنوا فيه في هذه الحياة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

والتمكين له في الأرض أنه ملك الدنيا ، ودانت له الملوك كلها ، فروي أن جميع من ملك الدنيا كلها أربعة : مؤمنان وكافران ، والمؤمنان : سليمان بن داود ، والإسكندر ، والكافران نمرود وبخت نصر ، وقوله { وآتيناه من كل شيء سبباً } معناه علماً في كل أمر ، وأقيسة يتوصل بها إلى معرفة الأشياء ، وقوله { كل شيء } عموم ، معناه الخصوص في كل ما يمكن أن يعلمه ويحتاج إليه ، وثم لا محالة أشياء لم يؤتَ منها سبباً يعلمها به ، واختلف في { ذي القرنين } فقيل هو نبي ، وهذا ضعيف . وقيل هو ملَك بفتح اللام ، وروي عن علي بن أبي طالب أنه سمع رجلاً يدعو آخر يا ذا القرنين ، فقال أما كفاكم أن تسميتم بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عنه فقال «ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب »{[7890]} وقيل هو عبد ملِك بكسر اللام صالح ، نصح لله فأيده ، قاله علي بن أبي طالب ، وقال فيكم اليوم مثله ، وعنى بذلك نفسه ، والله أعلم .


[7890]:أخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، عن خالد بن معدان الكلاعي، وأخرج ابن أبي حاتم، عن الأحوص ابن حكيم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال: (هو ملك مسح الأرض بالإحسان).