في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )

وشجرة النبوة هنا وظل إبراهيم أبي الأنبياء عليها واضح ، وهي تؤتي أكلها كل فترة ، أكلا جنيا طيبا . . نبيا من الأنبياء . . يثمر إيمانا وخيرا وحيوية . .

ولكن المثل - بعد تناسقه مع جو السورة وجو القصة - أبعد من هذا آفاقا ، وأعرض مساحة ، وأعمق حقيقة .

إن الكلمة الطيبة - كلمة الحق - لكالشجرة الطيبة . ثابتة سامقة مثمرة . . ثابتة لا تزعزعها الأعاصير ، ولا تعصف بها رياح الباطل ؛ ولا تقوى عليها معاول الطغيان - وإن خيل للبعض أنها معرضة للخطر الماحق في بعض الأحيان - سامقة متعالية ، تطل على الشر والظلم والطغيان من عل - وإن خيل إلى البعض أحيانا أن الشر يزحمها في الفضاء - مثمرة لا ينقطع ثمرها ، لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آنا بعد آن . .

/خ27

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

{ ُتؤتي أُكلها } تعطي ثمرها . { كل حين } وقته الله تعالى لإثمارها . { بإذن ربها } بإرادة خالقها وتكوينه . { ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكّرون } لأن في ضربها

زيادة إفهام وتذكير ، فإنه تصوير للمعاني وإدناء لها من الحس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

و «الأكل » الثمر وقرأ عاصم وحده «أكُلها » بضم الكاف .

وقوله : { كل حين } : «الحين » في اللغة - القطيع من الزمن غير محدد كقوله تعالى : { هل أتى على الإنسان حين }{[7066]} [ الإنسان : 1 ] وكقوله : { ولتعلمن نبأه بعد حين }{[7067]} [ ص : 88 ] . وقد تقتضي لفظة الحين بقرينتها تحديداً ، كهذه الآية ، فإن ابن عباس وعكرمة ومجاهداً والحكم وحماداً وجماعة من الفقهاء قالوا : من حلف ألا يفعل شيئاً حيناً فإنه لا يفعله سنة ، واستشهدوا بهذه الآية { تؤتي أكلها كل حين } أي كل سنة ، وقال ابن عباس وعكرمة والحسن : أي كل ستة أشهر ، وقال ابن المسيب : الحين شهران لأن النخلة تدوم مثمرة شهرين ، وقال ابن عباس أيضاً والضحاك والربيع بن أنس : { كل حين } أي غدوة وعشية ومتى أريد جناها .

قال القاضي أبو محمد : وهكذا يشبهها المؤمن الذي هو في جميع أيامه في عمل ، أو الكلمة التي أجرها والصادر عنها من الأعمال مستمر ، فيشبه أن قول الله تعالى إنما شبه المؤمن أو الكلمة بالشجرة في حال إثمارها إذ تلك أفضل أحوالها . وتأول الطبري في ذلك أن أكل الطلح في الشتاء ، وإن أكل الثمر في كل وقت من أوقات العام ، وهو إتيان أكل ، وإن فارق النخل ، وإن فرضنا التشبيه بها على الإطلاق . وهي إنما تؤتي في وقت دون وقت ، فالمعنى كشجرة لا تخل بما جعلت له من الإتيان بالأكل في الأوقات المعلومة ، فكذلك هذا المؤمن لا يخل بما يسر له من الأعمال الصالحة أو الكلمة التي لا تغب بركتها والأعمال الصادرة عنها بل هي في حفظ النظام كالشجرة الطيبة في حفظ وقتها المعلوم . وباقي الآية بين .

قال القاضي أبو محمد : ومن قال : «الحين » سنة - راعى أن ثمر النخلة وجناها إنما يأتي كل سنة ، ومن قال ستة أشهر - راعى من وقت جذاذ النخل إلى حملها من الوقت المقبل . وقيل : إن التشبيه وقع بالنخل الذي يثمر مرتين في العام ، ومن قال شهرين . قال : هي مدة الجني في النخل . وكلهم أفتى بقوله في الإيمان على الحين{[7068]} .


[7066]:من الآية (1) من سورة (الإنسان).
[7067]:الآية (88) من سورة (ص) وهي آخر السورة.
[7068]:يعني أن رأي كل واحد في معنى "الإثيان" متوقف على رأيه في معنى " الحين".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

والأُكْل بضم الهمزة المأكول ، وإضافته إلى ضمير الشجرة على معنى اللام . وتقدم عند قوله : { ونفضل بعضها على بعض في الأكل } في سورة الرعد ( 4 ) .

فالمشبّه هو الهيئة الحاصلة من البهجة في الحس والفرح في النفس ، وازدياد أصول النفع باكتساب المنافع المتتالية بهيئة رُسوخ الأصل ، وجمال المنظر ، ونماء أغصان الأشجار .

ووفرة الثِمار ، ومتعة أكلها . وكل جزء من أجزاء إحدى الهيئتين يقابله الجزء الآخر من الهيئة الأخرى ، وذلك أكمل أحوال التمثيل أن يكون قابلاً لجمع التشبيه وتفريقه .

وكذلك القول في تمثيل حال الكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة على الضد بجميع الصفات الماضية من اضطراب الاعتقاد ، وضيق الصدر ، وكدر التفكير ، والضر المتعاقب . وقد اختصر فيها التمثيل اختصاراً اكتفاءً بالمضاد ، فانتفت عنها سائر المنافع للكلمة الطيبة .

وفي « جامع الترمذي » عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثل كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " قال : هي النخلة ، { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } قال : هي الحَنْظَل .