في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا} (18)

16

وها هي ذي تنتفض انتفاضة العذراء المذعورة يفجؤها رجل في خلوتها ، فتلجأ إلى الله تستعيذ به وتستنجد وتستثير مشاعر التقوى في نفس الرجل ، والخوف من الله والتحرج من رقابته في هذا المكان الخالي : ( قالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا )فالتقي ينتفض وجدانه عند ذكر الرحمن ، ويرجع عن دفعة الشهوة ونزع الشيطان . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا} (18)

{ قالت إني أعوذ بالرحمان منك } من غاية عفافها . { إن كنت تقيا } تتقي الله وتحتفل بالاستعاذة ، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي فإني عائذة منك ، أو فتتعظ بتعويذي أو فلا تتعرض لي ، ويجوز أن يكون للمبالغة أي إن كنت تقيا متورعا فإني أتعوذ منك فكيف إذا لم تكن كذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا} (18)

وقوله تعالى { أعوذ بالرحمن } الآية ، المعنى قالت مريم للملك الذي تمثل لها بشراً لما رأته قد خرق الحجاب الذي اتخذته ، فأساءت به الظن { أعوذ بالرحمن منك إن كنت } ذا تقى ، قال أبو وائل : علمت أن «التقي » ذو نهية ، وقال وهب بن منبه «تقي » رجل إسم رجل فاجر كان في ذلك الزمن في قومها فلما رأته متسوراً عليها ظنته إياه فاستعاذت بالرحمن منه ، حكى هذا مكي وغيره ، وهو ضعيف ذاهب مع التخرص .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا} (18)

للإشارة إلى كمال عصمتها إذ قالت : { إنِّي أعوذُ بالرحمن مِنكَ إن كُنتَ تقِيَّاً } ، إذ لم يكن في صورته ما يكره لأمثالها ، لأنها حسبت أنه بشر اختبأ لها ليراودها عن نفسها ، فبادرته بالتعوذ منه قبل أن يكلمها مبادرة بالإنكار على ما توهمته من قصده الذي هو المتبادر من أمثاله في مثل تلك الحالة .

وجملة { إنِّي أعوذُ بالرحمن مِنكَ } خبرية ، ولذلك أكدت بحرف التأكيد . والمعنى : أنها أخبرته بأنها جعلت الله معاذاً لها منه ، أي جعلت جانب الله ملجأ لها مما هَمّ به . وهذه موعظة له .

وذكرها صفة ( الرحمان ) دون غيرها من صفات الله لأنها أرادت أن يرحمها الله بدفع من حسبته داعراً عليها .

وقولها { إن كُنتَ تَقيّاً } تذكير له بالموعظة بأن عليه أن يتّقي ربّه .

ومجيء هذا التذكير بصيغة الشرط المؤذن بالشك في تقواه قصد لتهييج خشيته ، وكذلك اجتلاب فعل الكون الدال على كون التّقوى مستقرة فيه . وهذا أبلغ وعظٍ وتذكيرٍ وحثّ على العمل بتقواه .