اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا} (18)

قوله : { قَالَتْ إني أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } .

أي : إن كان يرجى منك أن تتقي الله ، فإنِّي عائذةٌ به منك ؛ لأنَّها علمتْ أن الاستعاذة لا تؤثِّرُ في التُّقى ، فهو كقول القائل : إن كنت مُسْلماً ، فلا تظلمني ، أي : ينبغي أن تكُون تقواك مانعاً لك من الفُجُور .

كقوله تعالى : { وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الربا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ البقرة : 278 ] .

أي : أنَّ شرط الإيمان يُوجب هذا ؛ لا أنَّ الله تعالى يُخْشَى في حالٍ دون حالٍ .

وقيل : كان في ذلك الزَّمانِ إنسانٌ فاجرٌ يتبعُ النِّساء ، اسمه تقيٌّ ، فظنَّت مريمُ أنَّ ذلك الشخص المشاهد هُو ذاك ، والأول أصحُّ . قوله : { إِن كُنتَ تَقِيّاً } جوابه محذوفٌ ، أو متقدِّم .