{ قالت إني أعوذ بالرحمان منك } فإنه شاهد عدل بأنه لم يخطر ببالها شائبة مثل ما إليه فضلا عما ذكر من الحالة المرتبة على أقصى مراتب الميل والشهوة .
نعم كان تمثله على ذلك الحسن الفائق والجمال الرائق لابتلائها وسبر عفتها ، ولقد ظهر منها من الورع والعفاف ما لا غاية وراءه ، وذكره تعالى بعنوان الرحمانية للمبالغة في العياذ به تعالى واستجلاب آثار الرحمة الخاصة التي هي العصمة مما دهمها أه .
وقد تكلموا في كيفية تمثله ، فقال إمام الحرمين : يفني الله الزائد من خلقه أو يزيله عنه ثم يعيده إليه ، يعني أن له أجزاء أصلية كما في الإنسان وأجزاء زائدة ، وجزم ابن عبد السلام بالإزالة دون الفناء وقال ابن حجر : إن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفيه الله تعالى عن الرأي فقط قاله الكرخي .
وقيل إنما ظهر لها في صورة البشر لتستأنس بكلامه ولا تنفر عنه فتفهم كلامه ولو بدا لها في صورة الملائكة لنفرت ولم تقدر على استماع كلامه ، وأنها لا تطيق أن تنظر إلى الملك وهو على صورته ، فلما رأته في صورة إنسان حسن كامل الخلق قد خرق عليها الحجاب ظنت أنه يريدها بسوء فاستعاذت بالله منه .
و { قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا } أي ممن يتقي الله ويخافه ، ويعمل بمقتضى التقوى والإيمان ، وخصت الرحمان بالذكر ليرحم ضعفها وعجزها عن دفعه . وقيل إن تقيا اسم رجل صالح فتعوذت منه تعجبا . وقيل إنه اسم رجل فاجر معروف في ذلك الوقت ، والأول أولى .
وتعودها من تلك الصورة الحسنة دل على كمال عفتها وغاية ورعها ، وجواب الشرط محذوف ، أي فلا تتعرض لي واتركني وانئه عني ، أو فتنتهي عني لتعوذي ، وهذه الجملة كقول القائل : إن كنت مؤمنا فلا تظلمني .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.