التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا} (18)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما دار بين مريم وبين جبريل من حوار ونقاش فقال : { قَالَتْ إني أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } .

أى " قالت لجبريل - عليه السلام - الذى تمثل لها فى صورة بشر سوى : إنى أعوذ وألتجىء إلى الرحمن منك ، إن كنت ممن يتقى الله ويخشاه .

وخصت الرحمن بالذكر ، لتثير مشاعر التقوى فى نفسه ، إذ من شأن الإنسان التقى أن ينتفض وجدانه عند ذكر الرحمن ، وأن يرجع عن كل سوء يخطر بباله .

وجواب هذا الشرط محذوف ، وأن يرجع عن كل سوء يخطر بباله .

وجواب هذا الشرط محذوف ، أى إن كنت تقيا ، فابتعد عنى واتركنى فى خلوتى لأتفرغ لعبادة الله - تعالى - .

وبهذا القول الذى حكاه القرآن عن مريم . تكون قد جمعت بين الاعتصام بربها ، وبين تخويف من تخاطبه وترهيبه من عذاب الله . إن سولت له نفسه إرادتها بسوء . كما أن قولها هذا ، يدل على أنها قد بلغت أسمى درجات العفة والطهر والبعد عن الريبة ، فهى تقول له هذا القول ، وهى تراه بشراً سوياً ، وفى مكان بمعزل عن الناس . . .