في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

وقد عاين فيها من آيات ربه الكبرى ، واتصل قلبه بالحقيقة عارية مباشرة مكشوفة .

فالأمر إذن - أمر الوحي - أمر عيان مشهود . ورؤية محققة . ويقين جازم . واتصال مباشر . ومعرفة مؤكدة . وصحبة محسوسة . ورحلة واقعية . بكل تفصيلاتها ومراجعها . . وعلى هذا اليقين تقوم دعوة( صاحبكم )الذي تنكرون عليه وتكذبونه وتشككون في صدق الوحي إليه . وهو صاحبكم الذي عرفتموه وخبرتموه . وما هو بغريب عنكم فتجهلوه وربه يصدقه ويقسم على صدقه . ويقص عليكم كيف أوحى إليه . وفي أي الظروف . وعلى يد من وكيف لاقاه . وأين رآه !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

{ لقد رأى من آيات ربه الكبرى } أي والله لقد رأى من آياته وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج وقد قيل إنها المعنية بما { رأى } . ويجوز أن تكون { الكبرى } صفة لل { آيات } على أن المفعول محذوف أي شيئا من آيات ربه أو { من } مزيدة .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

قوله جلّ ذكره : { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } .

أي " الآية " الكبرى ، وحَذَفَ الآية . . . وهي تلك التي رآها في هذه الليلة . ويقال : هي بقاؤه في حال لقائِه ربَّه بوصفِ الصَّحْوِ ، وحَفَظَه حتى رآه .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

1

المفردات :

آيات ربه الكبرى : عجائبه الملكية والملكوتية في ليلة المعراج .

التفسير :

18-{ لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } .

رأى من آيات الله تعالى الكبرى ما يجلّ عنه الحصر والاستقصاء ، كان الإسراء رحلة أرضية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، حيث أراه الله آيات بينات .

وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيت المقدس إماما بالأنبياء ، وأخذت له البيعة ، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى :

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } . ( آل عمران : 81 )

كما أثبت البخاري أن النبي صلى الله عله وسلم صعد به إلى السماوات العلى ، واستقبله من كل سماء مقرَّبوها : في السماء الأولى : آدم .

وفي السماء الثانية : يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة .

وفي السماء الثالثة ، يوسف وقد أعطى شطر الحسن .

وفي السماء الرابعة : إدريس ، وقد رفعه الله مكانا عليا .

وفي السماء الخامسة : هارون .

وفي السماء السادسة : موسى .

وفي السماء السابعة : إبراهيم أبو الأنبياء ، على كرسي من نور ، مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، فقال : يا محمد ، بلغ أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة قيعان ، وأنها طيبة التربة ، وغراسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وكان كل رسول يقول للنبي صلى الله عليه وسلم مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، وعند السماء السابعة تخلّف جبريل وقال : وما منّا إلا له مقام معلوم .

ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى ، رأى سدرة المنتهى ، ورأى الجنة عند سدرة المنتهى ، ورأى جبريل على صورته الحقيقية ، ورأى ما رأى مما لا يحيط به الوصف أو الحصر ، حيث أراد الله تكريمه ، فأراه الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين ، كلهم يؤمنون به ويصدقونه ، وكان الإسراء والمعراج في أعقاب رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، حيث قابله أهلها مقابلة سيئة ، وآذوه ورموه بالحجارة ، واشتكى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربّه تكذيب أهل مكة ، ثم تكذيب أهل الطائف ، ورفع يديه إلى السماء قائلا : " اللهم أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يا رب العالمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتهجمني ، أو بعيد ملكته أمري ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن ينزل بي سخطك ، أو يحلّ على غضبك ، لك العتبى حتى ترضى ، عافيتك هي أوسع لي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . vii

وفي أعقاب رحلة الطائف عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، ولم يستطع دخولها إلا في جوار المطعم بن عديّ ، وبينما هو نائم في الحجر أو في بيت أم هانئ تمّ الإسراء والمعراج ، عجيبتان ربانيتان .

قال تعالى : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } . ( الإسراء : 1 )

أي أن الله تعالى أسرى برسوله صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام ، وحوله الثمار والأشجار ، والحرم ومقابر المرسلين ، وآثار الأنبياء ، ليطلع النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الآيات ، تكريما له ومؤازرة له ، بعد وفاة عمه أبي طالب ، ووفاة زوجه خديجة بنت خويلد ، وتكالب الكافرين على حربه وإيذائه ، ثم تمّ له المعراج إلى السماوات العلى ، حيث رأى من آيات ربه الكبرى .

ويرى جمهور العلماء :

أن الإسراء كان بالروح والجسد معا ، يقظة لا مناما .

والراجح أيضا أن المعراج كان بالروح والجسد معا ، لأن الرؤيا المنامية تكون لكثير من الناس ، أما الإسراء فقد ذكره الله مشيرا إلى قدرته تعالى وتنزيهه عن مشابهة الحوادث ، حيث جعل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ساريا بالليل مخترقا الحجب ، كم ذكر القرآن المعراج في صدر سورة النجم ، والراجح أن المعراج كان بالروح والجسد معا .

ويرى بعض المفسرين أن الإسراء كان بالروح والجسد ، وأن المعراج كان بالروح فقط .

وقد رجح الإمام الطبري شيخ المفسرين ، وغيره من المفسرين أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد ، يقظة لا مناما .

فلو كان بالروح ما كذبته قريش ، ولا تعجَّبوا من أمره ، ولما ارتدّ بعض ضعاف الإيمان .

ولأن قوله تعالى : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً . . . } يفيد أن العبد مجموع الجسد والروح .

وكذلك قوله تعالى في المعراج : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } .

يفيد أنه رأى رؤية حقيقية عالم الملكوت ، عالم السماء والأنبياء والمرسلين والملائكة ، والتكريم الإلهي ، وسدرة المنتهى ، وجنة المأوى ، وآيات ربه الكبرى .

قال شوقي :

يا أيها المُسرى به شرفا إلى *** ما لا تنالُ الشَّمس والجوزاءُ

يتساءلون ونتأ

أنت أطهر هيكل *** بالروح أم بالهيكل الإسراء

بهما سموت مطهرين كلاهما *** نور وروحانية وبهاء

فضل عليك لذي الجلال ومنة *** والله يفعل ما يرى ويشاء

تغشى الغيوب من العوالم كلما *** طويت سماء قلدتك سماء

يا من له الأخلاقُ ما تهوى العلا *** منها وما يتعشق الكبراء

والحسن من كرم الوجوه وخيره *** ما أوتي القوّاد والزعماء

وإذا سخوت بلغت بالجود المدى *** وفعلت ما لا تفعل الأنواء

وإذا عفوت فقادرا ومقدرا *** لا يستهين بعفوك الجهلاء

وإذا رحمت فأنت أم أو أب *** هذان في الدنيا هما الرحماء

وإذا خطبت فللمنابر هزة *** تعرو النّدى وللقلوب بكاء

وإذا أخذت العهد أو أعطيته *** فجميع عهدك ذمة ووفاء

وإذا مشيت إلى العدا فغضنفر *** وإذا جريت فإنك النكباء

يا أيها الأُميّ حسبك رتبة *** في العلم أن دانت لك العلماء

يا من له عز الشفاعة وحده *** وهو المنزه ما له شفعاء

عرش القيامة أنت تحت لوائه *** والحوض أنت حياله السقاء

تروي وتسقي الصالحين ثوابهم *** والصالحات ذخائر وجزاء

آراء في الموضوع

رأى بعض المفسرين : أن الآيات التي وردت في صدر سورة النجم ، تشير إلى رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لله سبحانه وتعالى .

وقال بعضهم : الضمائر في ( دنا ) و( تدلَّى ) و( كان ) و( أوحى ) وكذا في ( رآه ) لله عز وجل .

ويشهد لهذا ما أخرجه البخاري ، عن أنس قال : ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبَّار رب العزة ، فتدلّى ، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إليه فيما أوحى خمسين صلاة . viii

والراجح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على صورته الحقيقية مرتين ، الأولى عند البعثة ، والثانية ليلة الإسراء والمعراج . ***

بدليل ما أخرجه مسلم ، عن أبي ذر أنّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هل رأيت ربك ؟ فقال : " رأيت نورا " ix . وانظر تفسير الآلوسي والطبري لصدر سورة النجم .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

شرح الكلمات :

{ لقد رآى من آيات ربه الكبرى } : أي رأى جبريل في صورته ورأى رفرفاً أخضر سد أفق السماء .

المعنى :

{ ولقد رأى من آيات ربه الكبرى } أي رأى جبريل في خلقه الذي يكون فيه في السماء ورأى رفرفاً أخضر قد سد الأفق ورأى من عجائب خلق الله ومظاهر قدرته وعلمه ما لا سبيل إلى إدراكه والحديث عنه .

/ذ18

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

{ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } من الجنة والنار ، وغير ذلك من الأمور التي رآها صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من آيات ربه الكبرى الدالة على قدرة الله وعظمته من الجنة والنار وغير ذلك .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

{ لقد رأى من آيات ربه الكبرى }

{ لقد رأى } فيها { من آيات ربه الكبرى } العظام ، أي بعضها فرأى من عجائب الملكوت رفرفاً أخضر سد أفق السماء وجبريل له ستمائة جناح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

قوله تعالى : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } يعني : الآيات العظام . وقيل : أراد ما رأى تلك الليلة في مسيره وعوده ، دليله قوله : { لنريه من آياتنا }( الإسراء-1 ) وقيل : معناه لقد رأى من آيات ربه الآية الكبرى .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة عن سليمان الشيباني سمع زر بن حبيش عن عبد الله قال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح .

وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا حفص بن عمر ، وحدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ، عن عبد الله :{ لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قال : رأى رفرفاً أخضر سد أفق السماء .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

ثم عظم - سبحانه - من شأن ما أراه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال : { لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى } .

والكلام جواب لقسم محذوف ، والآيات جمع آية ، والمراد بها العجائب التى أطلع الله - تعالى - عليها نبيه - صلى الله عليه وسلم - فى تلك الليلة ، وهى ليلة الإسراء والمعراج .

والكبرى : صفة لهذه الآيات ، وحذف المرئى : لتفخيم أمره وتعظيمه .

أى : والله لقد رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - فى تلك الليلة أمورا عظاما لا يحيط بها الوصف ، وقد أكرمناه برؤيتها ليزداد يقينا على يقينه ، وثباتا على ثباته ، وقوة على قوته فى تبليغ رسالتنا ، وحمل أمانتنا .

هذا ، وقد جرينا فى تفسيرنا لهذه الآيات على الرأى الذى سار عليه المحققون من العلماء وهو أن هذه الآيات تحكى رؤية النبى - صلى الله عليه وسلم - لجبريل مرتين ، كما سبق أن بينا ، وأن الضمائر فى تلك الآيات منها ما يرجع إلى جبريل ، ومنها ما يرجع إلى الله - عز وجل - .

وقد أعدنا كل ضمير إلى مرجعه الذى نراه مناسبا للمقام .

فمثلا : الضمير المنصوب فى قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى } قلنا : إنه يعود إلى جبريل . أى : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل على هيئته التى خلقه الله عليها مرة أخرى ، غير المرة الأولى التى كانت فى أوائل بعثته - صلى الله عليه وسلم - .

ولكن بعض المفسرين يرون أن مرجع الضمير فى هذه الآية وغيرها ، يعود إلى الله - تعالى - ، ويستدلون بذلك على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه .

وقد فصل القول فى هذه المسألة الإمام الآلوسى فقال ما ملخصه : فالضمائر فى " دنا " " وتدلى " " وأوحى . . " وكذلك المضير المنصوب فى " رآه " لله - عز وجل - .

واستدل بذلك مثبتو رؤية النبى - صلى الله عليه وسلم - لله - عز وجل - كابن عباس وغيره .

وخالفت فى ذلك عائشة - رضى الله عنها - فقد أخرج مسلم عن مسروق قال : " كنت عند عائشة فقالت : ثلاث من تكلم بواحدة منهن ، فقد أعظم على الله - تعالى - الفرية .

قلت : ما هن ؟ قالت : من زعم أن محمدا يعلم الغيب فقد كذب . ومن زعم أن محمدا كتم شيئا فقد كذب ، ومن زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، فقلت : يا أم المؤمنين : ألم يقل الله - تعالى - : { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى } ؟ . فقالت : أنا أول من سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال : " لا ، إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التى خلق عليها سوى هاتين المرتين . رأيته منهبطا من السماء سادا ما بين السماء إلى الأرض " " .

ثم قال الآلوسى : ولا يخفى أن جواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - على عائشة ، ظاهر فى أن الضمير المنصوب فى { رَآهُ } ليس راجعا إليه - تعالى - ، بل إلى جبريل - عليه السلام - .

والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة يراها ترد على المشركين مزاعمهم ، بأبلغ أسلوب ، وأقوى بيان ، وتثبت أن هذا القرآن ، قد بلغه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل - عليه السلام - دون أن يزيد فيه شيئا ، أو ينقص منه شيئا ، وأنه - سبحانه - قد أعطى نبيه - صلى الله عليه وسلم - من المعجزات ، ومن الخيرات والبركات . . . . ما لم يعط غيره .

وبعد هذا التصوير البديع لما كان عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - من حق واضح ، ومن تكريم عظيم ومن طاعة تامة لخالقه - عز وجل -

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

قوله : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } أي رأى جبريل في صورته الحقيقية وقد سد بجانحيه الأفق . وقيل : المراد بآيات الله الكبرى ما رآه في تلك الليلة في ذهابه وفي إيابه من عجائب الخلائق في ملكوت الله{[4375]} .


[4375]:تفسير القرطبي جـ 17 ص 85-97 والكشاف جـ 4 ص 28 وتفسير الرازي جـ 28 ص 295 وتفسير الطبري جـ 27 ص 31-35 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 248-252.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لقد رأى} محمد صلى الله عليه وسلم {من آيات ربه الكبرى}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى "يقول تعالى ذكره: لقد رأى محمد هنالك من أعلام ربه وأدلته الأعلام والأدلة الكبرى... واختلف أهل التأويل في تلك الآيات الكبرى؛

فقال بعضهم: رأى رَفْرفا أخضر قد سدّ الأفق...

وقال آخرون: رأى جبريل في صورته...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{لَقَدْ رأى} والله لقد رأى {مِنْ ءايات رَبِّهِ} الآيات التي هي كبراها وعظماها، يعني: حين رقى به إلى السماء فأري عجائب الملكوت...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

قوله تعالى: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال جماعة من أهل التأويل معناه: رأى الكبرى من آيات ربه، والمعنى {من آيات ربه} التي يمكن أن يراها البشر، ف {الكبرى} على هذا مفعول ب {رأى}.

وقال آخرون المعنى: {لقد رأى} بعضاً {من آيات ربه الكبرى}، ف {الكبرى} على هذا وصف للآيات...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{لقد رأى من آيات ربه الكبرى}: فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى ليلة المعراج آيات الله، ولم ير الله، وفيه خلاف ووجهه: هو أن الله تعالى ختم قصة المعراج هاهنا برؤية الآيات...

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

{لقد رأى من آيات ربه الكبرى} أي والله لقد رأى من آياته وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج وقد قيل إنها المعنية بما {رأى}.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}، كقوله: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا} [طه: 23] أي: الدالة على قدرتنا وعظمتنا. وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع؛ لأنه قال: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}، ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس، وقد تقدم تقرير ذلك في سورة "سبحان"...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{لقد رأى} أي أبصر بسبب ما أهلناه له من الرسالة إبصاراً سارياً إلى البواطن غير مقتصر على الظواهر {من آيات ربه} أي المحسن إليه بما لم يصل إليه أحد قبله ولا يصل إليه أحد بعده، ومن ادعى ذلك فهو كافر {الكبرى} من ذلك ما رآه في السماوات من الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام إشارة بكل شيء إلى أمر دقيق جليل وحالة شريفة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وقد عاين فيها من آيات ربه الكبرى، واتصل قلبه بالحقيقة عارية مباشرة مكشوفة.

فالأمر إذن -أمر الوحي- أمر عيان مشهود. ورؤية محققة. ويقين جازم. واتصال مباشر. ومعرفة مؤكدة. وصحبة محسوسة. ورحلة واقعية. بكل تفصيلاتها ومراجعها.. وعلى هذا اليقين تقوم دعوة (صاحبكم) الذي تنكرون عليه وتكذبونه وتشككون في صدق الوحي إليه. وهو صاحبكم الذي عرفتموه وخبرتموه. وما هو بغريب عنكم فتجهلوه وربه يصدقه ويقسم على صدقه. ويقص عليكم كيف أوحى إليه. وفي أي الظروف. وعلى يد من وكيف لاقاه. وأين رآه!