وكانت هي الفاصلة . فلم يعد لموسى من عذر ، ولم يعد للصحبة بينه وبين الرجل مجال :
( قال : هذا فراق بيني وبينك . سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبرا ) .
وإلى هنا كان موسى - ونحن الذين نتابع سياق القرآن - أمام مفاجآت متوالية لا نعلم لها سرا . وموقفنا منها كموقف موسى . بل نحن لا نعرف من هو هذا الذي يتصرف تلك التصرفات العجيبة ، فلم ينبئنا القرآن باسمه ، تكملة للجو الغامض الذي يحيط بنا . وما قيمة اسمه ? إنما يراد به أن يمثل الحكمة الإلهية العليا ، التي لا ترتب النتائج القريبة على المقدمات المنظورة ، بل تهدف إلى أغراض بعيدة لا تراها العين المحدودة . فعدم ذكر اسمه يتفق مع الشخصية المعنوية التي يمثلها . وإن القوى الغيبية لتتحكم في القصة منذ نشأتها . فها هو ذا موسى يريد أن يلقى هذا الرجل الموعود . فيمضي في طريقه ؛ ولكن فتاه ينسى غداءهما عند الصخرة ، وكأنما نسيه ليعودا . فيجد هذا الرجل هناك . وكان لقاؤه يفوتهما لو سارا في وجهتهما ، ولو لم تردهما الأقدار إلى الصخرة كرة أخرى . . كل الجو غامض مجهول ، وكذلك اسم الرجل الغامض المجهول في سياق القرآن .
{ قال هذا فراق بيني وبينك } الإشارة إلى الفراق الموعود بقوله { فلا تصاحبني } أو إلى الاعتراض الثالث ، أو الوقت أي هذا الاعتراض سبب فراقنا أو هذا الوقت وقته ، وإضافة الفراق إلى البين إضافة المصدر إلى الظرف على الاتساع ، وقد قرئ على الأصل . { سأنبئّك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا } بالخبر الباطن فيما لم تستطع الصبر عليه لكونه منكرا من حيث الظاهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.