في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

ولا يقطع هذه الرنة الحزينة المديدة إلا الأمر العلوي الجازم ، بجلاله وهوله وروعته :

( خذوه . فغلوه . ثم الجحيم صلوه . ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) . .

يا للهول الهائل ! ويا للرعب القاتل ! ويا للجلال الماثل !

( خذوه ) . .

كلمة تصدر من العلي الأعلى . فيتحرك الوجود كله على هذا المسكين الصغير الهزيل . ويبتدره المكلفون بالأمر من كل جانب ، كما يقول ابن أبي حاتم بإسناده عن المنهال بن عمرو : " إذا قال الله تعالى : خذوه ابتدره سبعون ألف ملك . إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفا في النار " . . كلهم يبتدر هذه الحشرة الصغيرة المكروبة المذهولة !

( فغلوه ) . .

فأي السبعين ألفا بلغه جعل الغل في عنقه . . !

( ثم الجحيم صلوه ) . .

ونكاد نسمع كيف تشويه النار وتصليه . .

( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) . .

وذراع واحدة من سلاسل النار تكفيه ! ولكن إيحاء التطويل والتهويل ينضح من وراء لفظ السبعين وصورتها .

ولعل هذا الإيحاء هو المقصود ! .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

المعنى :

{ ثم في سلسلة } طويلة { ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه } ولم يعرف مدى طول هذه الذراع إلا أنه إذا كان الكافر ما بين كتفيه كما بين مكة وقديد قرابة مائة وخمسين ميلا فإِن السلسلة في ذرعها السبعين ذراعا لا بد وأن تكون مناسبة لهذا الجسم { فاسلكوه } أي ادخلوه فيها فتدخل من فمه وتخرج من دبره كسلك الخرزة في الخيط وذكر تعالى علّة هذا الحكم عليه فقال { إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين } .

/ذ37

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

{ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا } من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة { فَاسْلُكُوهُ } أي : انظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه ، ويعلق فيها ، فلا يزال يعذب هذا العذاب الفظيع ، فبئس العذاب والعقاب ، وواحسرة من له التوبيخ والعتاب . فإن السبب الذي أوصله إلى هذا المحل :

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

{ ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه } فأدخلوه فيها . قال ابن عباس : سبعون ذراعاً بذراع الملك ، فيدخل في دبره وتخرج من منخره . وقيل : يدخل في فيه ويخرج من دبره . وقال عوف البكالي : سبعون ذراعاً ، كل ذراع سبعون باعاً ، كل باع أبعد مما بينك وبين مكة ، وكان في رحبة الكوفة . وقال سفيان : كل ذراع سبعون ذراعاً . قال الحسن : الله أعلم أي ذراع هو .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله ابن محمود ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن عيسى ابن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن رضاضة مثل هذه -وأشار إلى مثل الجمجمة- أرسلت من السماء إلى الأرض ، وهي مسيرة خمسمائة سنة ، لبلغت الأرض قبل الليل ، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة التي ذكرها الله في القرآن لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها ، وعن كعب قال : لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

< ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه } أي أدخلوه في تلك السلسلة فتدخل في دبره وتخرج من فيه وهي سلسلة لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

وعبر أيضاً بأداة التراخي لعلو رتبة مدخولها ، فقال مؤذناً بعدم الخلاص : { ثم في سلسلة } أي عظيمة جداً{[68112]} لا ما هو دونها .

ولما قدمها دلالة على الاهتمام بها وعلى تخصيصها لشدة مخافتها ، عرف بعظيم هولها وشدة فظاعتها ليجتمع المفهوم والمنطوق{[68113]} على تهويلها فقال : { ذرعها } أي في أيّ شيء فرضت من طول أو{[68114]} عرض { سبعون ذراعاً } يحتمل أن يكون هذا{[68115]} العدد حقيقة ، وأن يكون مبالغة ، والذي يدل على أنها للمبالغة ما رواه الترمذي{[68116]} - وقال : إسناده حسن - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى{[68117]} مثل الجمجمة - وأرسلت من السماء إلى الأرض - وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل ، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها وقعرها " وأشار سبحانه إلى ضيقها على ما تحيط به من بدنه بتعبيره بالسلك فقال : { فاسلكوه * } أي أدخلوه بحث يكون كأنه السلك - أي الحبل - الذي يدخل{[68118]} في ثقب الخرزة بعسر لضيق ذلك الثقب إما بإحاطتها بعنقه أو بجميع بدنه بأن تلف عليه فيصير في غاية الضنك والهوان لا يقدر على حركة أصلاً ، وهذا تعذيب القالب لأنه أفسد القلب بعدم الإيمان والقالب بعدم الأعمال .


[68112]:- العبارة من هنا إلى "بعدم الأعمال" (ص: 370 س:6) نسخت من ظ لأجل انطماسها في الأصل.
[68113]:- من م، وفي ظ: المنظوم.
[68114]:- من م، وفي ظ "و".
[68115]:- زيد من م.
[68116]:- راجع صفة النار من الجامع.
[68117]:- راجع صفة النار من الجامع.
[68118]:- سقط من م.