في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

ثم يزيدهم إيضاحاً لطبيعة القدرة الخالقة ، وصنعها فيما بين أيديهم وتحت أعينهم مما يملكون :

( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ) . .

والمشاهدة الأولية الساذجة تقنع بصدق هذه العجيبة ! العجيبة التي يمرون عليها غافلين . عجيبة أن هذا الشجر الأخضر الريان بالماء ، يحتك بعضه ببعض فيولد ناراً ؛ ثم يصير هو وقود النار . بعد اللدونة والاخضرار . . والمعرفة العلمية العميقة لطبيعة الحرارة التي يختزنها الشجر الأخضر من الطاقة الشمسية التي يمتصها ، ويحتفظ بها وهو ريان بالماء ناضر بالخضرة ؛ والتي تولد النار عند الاحتكاك ، كما تولد النار عند الاحتراق . . هذه المعرفة العلمية تزيد العجيبة بروزاً في الحس ووضوحاً . والخالق هو الذي أودع الشجر خصائصه هذه . والذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . غير أننا لا نرى الأشياء بهذه العين المفتوحة ولا نتدبرها بذلك الحس الواعي .

فلا تكشف لنا عن أسرارها المعجبة . ولا تدلنا على مبدع الوجود . ولو فتحنا لها قلوبنا لباحت لنا بأسرارها ، ولعشنا معها في عبادة دائمة وتسبيح !

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

شرح الكلمات :

{ من الشجر الأخضر نارا } : أي من شجر المرخ والعفار يحك أحدهما على الآخر فتشتعل النار .

المعنى :

هذا برهان قطعي وثاني برهان في قوله { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإِذا أنتم منه توقدون } أي النار وتشعلونها ، ووجه الاستدلال أن البعث لو كان مستحيلا عقلا وما هو بمستحيل بل هو واجب الوقوع لكان على الله غير مستحيل لأن الله تعالى قد أوجد من المستحيل ممكنا وهو النار من الماء ، إذ الشجر الأخضر ماء سار في أغصان الشجرة . ومع هذا يوجد منها النار ، فكان هذا برهانا عقليا يسلم به العقلاء ولا ينازعون فيه أبدا ، وبرهان ثالث وهو في قوله { أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ؟

/ذ77