في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

ولكن فرعون تولى بركنه ، وازور بجانبه عن الحق الواضح والبرهان القاطع ؛ وقال عن موسى النبي الذي كشف له عن آيات الله الخوارق : ( ساحر أو مجنون ) . . مما يقطع بأن الآيات والخوارق لا تهدي قلبا لم يتأهب للهدى ؛ ولا تقطع لسانا يصر على الباطل ويفتري .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

{ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } أي : فأعرض فرعون عما جاءه {[27449]} به موسى من الحق المبين ، استكبارا وعنادا .

وقال مجاهد : تعزز بأصحابه . وقال قتادة : غلب عدُو الله على قومه . وقال ابن زيد : { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } أي : بجموعه التي معه ، ثم قرأ : { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } [ هود : 80 ] .

والمعنى الأول قوي كقوله : { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الحج : 9 ] أي : معرض عن الحق مستكبر ، { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي : لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحرا ، أو مجنونا .


[27449]:- (4) في م: "جاء".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

و : { تولى } معناه : فأعرض وأدبر عن أمر الله و : { بركنه } بسلطانه وجنده وشدة أمره . وهو الأمر الذي يركن فرعون إليه ويسند في شدائده . قال ابن زيد : { بركنه } بجموعه قال قتادة : بقومه . وقول فرعون في موسى { ساحر أو مجنون } هو تقسيم ظن أن موسى لا بد أن يكون أحد هذين . وقال أبو عبيدة : { أو } هنا بمعنى الواو . واستشهد ببيت جرير : [ الوافر ]

أثعلبة الفوارس أو رياحاً . . . عدلت بهم طهية والخشابا ؟{[10610]}

والخشاب : بيوت في بني تميم ، وقول أبي عبيدة ضعيف لا داعية إليه في هذا الموضع .


[10610]:قال جرير هذا البيت من قصيدة يهجو بها الراعي النميري، والبيت في اللسان أيضا، وطُهية على وزن سُمية: حي من تميم نُسبوا إلى أمهم، والخِشاب: بنو رازم بن مالك، وربيعة وكعب بن مالك، وحنظلة، وهم بطون من تميم أيضا. قال أبو عبيدة[أو] ها هنا في موضع الواو التي للموالاة-أي للعطف- لأنه قد قالهما جميعا له. ولكن ابن عطية لا يوافق أبا عبيدة على رأيه هذا لأن فرعون قالهما فعلا لموسى عليه السلام ولكنه أراد بهما الإبهام على السامع. قال ذلك أبو حيان الأندلسي في البحر.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فتولى بركنه} يعني فأعرض فرعون عن الحق بميله، يعني عن الإيمان حين قال: {ما أريكم ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} [غافر:29]...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ "يقول: فأدبر فرعون كما أرسلنا إليه موسى بقومه من جنده وأصحابه... قال ابن زيد، في قول الله تبارك وتعالى "فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ" قال: بجموعه التي معه، وقرأ "لَوْ أنّ لي بِكُمْ قُوّةً أوْ آوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ" قال: إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به، قال: وفرعون وجنوده ومن معه ركنه، قال: وما كان مع لوط مؤمن واحد...

وقوله: "وَقالَ ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ" يقول: وقال لموسى: هو ساحر يسحر عيون الناس، أو مجنون، به جِنّة. وكان معمر بن المثنى يقول: أو في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة، لأنهم قد قالوهما جميعا له...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فتولّى برُكنه} هذا يخرّج على وجهين:

أحدهما: أي فتولّى هو ورُكنه، وهم جنوده وقومه عن اتباع موسى عليه السلام وما يدعوهم إليه.

والثاني: أي تولّى عن الحق واتباع موسى عليه السلام بقوة قومه ومعونتهم، والله أعلم.

وقوله تعالى: {وقال ساحر أو مجنون} سمّاه ساحرا بما أتى من الآيات المعجزة إياه وقومه لما يُعرف وصف السّحر على هذا الوجه، فسمّاه بذلك، وإن أيقن هو أن مثل ذلك الفعل لا يكون سحرا، تمويها على قومه. وسمّاه مجنونا لمّا خاطر بنفسه بمخالفته مع علمه أن همّه القتل لمن خالفه في دينه ومُلكه.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والمعنى: أن فرعون أعرض عن حجة موسى ولم ينظر فيها بقوته في نفسه، وقال ساحر " أي هو ساحر " أو مجنون"، فالسحر: حيلة توهم المعجزة بحال خفية، وأصله خفاء الأمر. والمجنون: الذي أصابته جنة فذهب عقله... في ذلك دلالة على عظم جهل فرعون، لأن الساحر هو اللطيف الحيلة، وذلك ينافي صفة المجنون المختلط العقل، فكيف يوصف شخص واحد بهاتين الصفتين؟

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقول فرعون في موسى {ساحر أو مجنون} هو تقسيم ظن أن موسى لا بد أن يكون أحد هذين. وقال أبو عبيدة: {أو} هنا بمعنى الواو... وقول أبي عبيدة ضعيف لا داعية إليه في هذا الموضع.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{بركنه} أي بسب ما يركن إليه من القوة في نفسه وبأعوانه وجنوده أو بجميع جنوده -كناية عن المبالغة في الإعراض، {وقال} معلماً بعجزه عما أتاه به وهو لا يشعر قوله: {أو مجنون} أي لاجترائه عليّ مع ما لي من عظيم الملك بمثل هذا الذي يدعو إليه ويتهدد عليه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ولكن فرعون تولى بركنه، وازور بجانبه عن الحق الواضح والبرهان القاطع؛ وقال عن موسى النبي الذي كشف له عن آيات الله الخوارق: (ساحر أو مجنون).. مما يقطع بأن الآيات والخوارق لا تهدي قلبا لم يتأهب للهدى؛ ولا تقطع لسانا يصر على الباطل ويفتري.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمعنى: أن في قصة موسى وفرعون آيةً للذين يخافون العذاب الأليم فيجتنبون مثل أسباب ما حل بفرعون وقومه من العذاب وهي الأسباب التي ظهرت في مكابرة فرعون عن تصديق الرسول الذي أرسل إليه، وأن الذين لا يخافون العذاب لا يؤمنون بالبعث والجزاء لا يتعظون بذلك لأنهم لا يصدقون بالنواميس الإِلهية ولا يتدبرون في دعوة أهل الحق فهم لا يزالون مُعرضين ساخرين عن دعوة رسولهم متكبرين عليه، مُكابرين في دلائل صدقه، فيوشك أن يحل بهم من مثل ما حلّ بفرعون وقومه، لأن ما جاز على المثل يجوز على المماثل، وقد كان المسلمون يقولون: إن أبا جهل فِرعون هذه الأمة.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} اتهمه بالسحر تارةً ليسقط تأثير معجزته على من حوله، كي لا يؤمنوا به من خلالها، وبالجنون أخرى، لإبطال تأثير دعوته إلى الإيمان بالله والتوحيد في عبادته، والإخلاص في طاعته، وإلى إنقاذ المستضعفين من سيطرة الحكم الاستكباري الطاغي المتمثل بحكمه.