في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

136

( وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم ، وليلبسوا عليهم دينهم . ولو شاء الله ما فعلوه . فذرهم وما يفترون ) .

يقول : وكما زين الشركاء والشياطين لهم ذلك التصرف في أموالهم كذلك زينوا لهم قتل أولادهم . . وذلك ما كانوا يفعلونه من وأد البنات خشية الإملاق - أو خشية السبي والعار - ومن قتل بعض الأبناء في النذر للآلهة كالذي روي عن عبد المطلب من نذره ذبح أحد ولده ، إن رزقه الله بعشرة منهم يحمونه ويمنعونه !

وظاهر أن هذا وذاك كان يوحي به عرف الجاهلية . العرف الذي وضعه الناس للناس . والشركاء المذكورون هنا هم شياطين الإنس والجن . . من الكهنة والسدنة والرؤساء من الإنس ، ومن القرناء الموسوسين من الجن ، بالتعاون والموالاة فيما بينهم !

والنص يصرح بالهدف الكامن وراء التزيين :

( ليردوهم ، وليلبسوا عليهم دينهم ) .

ليهلكوهم وليجعلوا دينهم عليهم ملتبساً غامضاً لا يقفون منه على تصور واضح . . فأما الهلاك فيتمثل ابتداء في قتلهم لأولادهم ؛ ويتمثل أخيراً في فساد الحياة الاجتماعية بجملتها ، وصيرورة الناس ماشية ضالة يوجهها رعاتها المفسدون حيثما شاءوا ، وفق أهوائهم ومصالحهم ! حتى ليتحكمون في أنفسهم وأولادهم وأموالهم بالقتل والهلاك ، فلا تجد هذه الغنم الضالة لها مفرا من الخضوع . لأن التصورات المتلبسة بالدين والعقيدة - وما هي منها -بكل ثقلها وعمقها ، تتعاون مع العرف الاجتماعي المنبثق منها ، وتنشى ثقلاً ساحقاً لا تقف له جماهير الناس . ما لم تعتصم منه بدين واضح ؛ وما لم ترجع في أمرها كله إلى ميزان ثابت .

وهذه التصورات المبهمة الغامضة ؛ وهذا العرف الاجتماعي الذي ينبثق منها ، ويضغط على جمهرة الناس بثقله الساحق . . لا ينحصر في تلك الصور التي عرفتها الجاهليات القديمة . فنحن نشهده اليوم بصورة أوضح في الجاهليات الحديثة . . هذه العادات والتقاليد التي تكلف الناس العنت الشديد في حياتهم ، ثم لا يجدون لأنفسهم منها مفراً . . هذه الأزياء والمراسم التي تفرض نفسها على الناس فرضاً ، وتكلفهم أحياناً ما لا يطيقون من النفقة ، وتأكل حياتهم واهتماماتهم ، ثم تفسد أخلاقهم وحياتهم . ومع ذلك لا يملكون إلا الخضوع لها . . أزياء الصباح ، وأزياء بعد الظهر ، وأزياء المساء . . الأزياء القصيرة ، والأزياء الضيقة ، والأزياء المضحكة ! وأنواع الزينة والتجميل والتصفيف . . . إلى آخر هذا الاسترقاق المذلّ . . من الذي يصنعه ومن الذي يقف وراءه ؟ تقف وراءه بيوت الأزياء . وتقف وراءه شركات الإنتاج ! ويقف وراءه المرابون في بيوت المال والبنوك من الذين يعطون أموالهم للصناعات ليأخذوا هم حصيلة كدها ! ويقف وراءه اليهود الذين يعملون لتدمير البشرية كلها ليحكموها ! . . ولكنهم لا يقفون بالسلاح الظاهر والجند المكشوف ، إنما يقفون بالتصورات والقيم التي ينشئونها ، ويؤصلونها بنظريات وثقافات ؛ ويطلقونها تضغط على الناس في صورة [ عرف اجتماعي ] . فهم يعلمون أن النظريات وحدها لا تكفي ما لم تتمثل في أنظمة حكم ، وأوضاع مجتمع ، وفي عرف اجتماعي غامض لا يناقشه الناس ، لأنه ملتبس عليهم متشابكة جذوره وفروعه !

إنه فعل الشياطين . . شياطين الإنس والجن . . وإنها الجاهلية تختلف أشكالها وصورها ، وتتحد جذورها ومنابعها ، وتتماثل قوائمها وقواعدها . .

وإننا لنبخس القرآن قدره ، إذا نحن قرأناه وفهمناه على أنه حديث عن جاهليات كانت ! إنما هو حديث عن شتى الجاهليات في كل أعصار الحياة . ومواجهة للواقع المنحرف دائماً ورده إلى صراط الله المستقيم . .

ومع ضخامة الكيد ، وثقل الواقع ، فإن السياق القرآني يهوّن أمر الجاهلية ، ويكشف عن الحقيقة الكبرى التي قد يخدع عنها هذا الجانب الظاهر . . إن هؤلاء الشياطين وأولياءهم لفي قبضة الله وسلطانه . وهم لا يفعلون ما يفعلونه بقدرة ذاتية فيهم . ولكن بترك الحبل ممدوداً لهم قليلاً ؛ بمشيئة الله وقدره ، تحقيقاً لحكمة الله في ابتلاء عباده . ولو شاء ألا يفعلوه ما فعلوه . ولكنه شاء للابتلاء . فلا على النبي [ ص ] ولا على المؤمنين . فليمضوا في طريقهم وليدعوا له الشياطين وما يفترون على الله وما يكيدون :

( ولو شاء الله ما فعلوه . فذرهم وما يفترون ) . .

ولا بد أن نذكر أنهم ما كانوا يجرؤون على أن يقولوا : إن هذه التصورات والتصرفات من عند أنفسهم . إنما يفترون على الله ، فيزعمون أنه هو شرعها لهم . . ينسبونها بذلك إلى شريعة إبراهيم وإسماعيل - بزعمهم !

كذلك يفعل الشياطين اليوم في الجاهليات الحديثة . . إن معظمهم لا يستطيع أن يتبجح تبجح الشيوعيين الملحدين ؛ فينفي وجود الله جملة ويتنكر للدين علانية . إنما يلجأ إلى نفس الأسلوب الذي كان يلجأ إليه الشياطين في جاهلية العرب ! يقولون : إنهم يحترمون الدين ! ويزعمون أن ما يشرعونه للناس له أصل من هذا الدين ! . . إنه أسلوب ألأم وأخبث من أسلوب الشيوعيين الملحدين ! إنه يخدر العاطفة الدينية الغامضة التي لا تزال تعيش في قرارات النفوس - وإن لم تكن هي الإسلام ، فالإسلام منهج واضح عملي واقع وليس هذه العاطفة المبهمة الغامضة - ويفرغ الطاقة الفطرية الدينية في قوالب جاهلية لا إسلامية . وهذا أخبث الكيد وألأم الأساليب !

ثم يجيء " المتحمسون " لهذا الدين ؛ فيفرغون جهدهم في استنكار جزيئات هزيلة على هامش الحقيقة الإسلامية ، لا تروق لهم في هذه الأوضاع الجاهلية المشركة ، المغتصبة لألوهية الله وسلطانه بالجملة . وبهذه الغيرة الغبية يسبغون على هذه الأوضاع الجاهلية المشركة طابع الإسلام . ويشهدون لها شهادة ضمنية خطيرة بأنها تقوم على أصل من الدين حقاً ، ولكنها تخالف عنه في هذه الجزئيات الهزيلة !

ويؤدي هؤلاء المتحمسون دورهم لتثبيت هذه الأوضاع وتطهيرها . وهو نفس الدور الذي تؤديه الأجهزة الدينية المحترفة ، التي تلبس مسوح الدين ! وإن كان الإسلام بالذات لا يعرف المسوح ولا ينطق باسمه كاهن ولا سادن !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

يقول تعالى : وكما زينت الشياطين لهؤلاء المشركين أن يجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ، كذلك زينوا لهم قتل أولادهم خشية الإملاق ، ووأد البنات خشية العار .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم : زينوا لهم قتل أولادهم .

وقال مجاهد : { شُرَكَاؤُهُمْ } شياطينهم ، يأمرونهم أن يئدوُا أولادهم خشية العَيْلة . وقال السدي : أمرتهم الشياطين أن يقتلوا البنات . وإما { لِيُرْدُوهُمْ } فيهلكوهم ، وإما { لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } أي : فيخلطون عليهم دينهم .

ونحو ذلك قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .

وهذا كقوله تعالى : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِه [ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ] } [ النحل : 58 ، 59 ] ، {[11250]} وقال تعالى : { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } [ التكوير : 8 ، 9 ] . وقد كانوا أيضا يقتلون الأولاد من الإملاق ، وهو : الفقر ، أو خشية الإملاق أن يحصل لهم في تاني المال{[11251]} وقد نهاهم [ الله ]{[11252]} عن قتل أولادهم لذلك وإنما كان هذا{[11253]} كله من شرع الشيطان تزيينه لهم ذلك .

قال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } أي : كل هذا واقع بمشيئته تعالى وإرادته واختياره لذلك كونًا ، وله الحكمة التامة في ذلك ، فلا{[11254]} يسأل عما يفعل وهم يُسألون . { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } أي : فدعهم واجتنبهم وما هم فيه ، فسيحكم الله بينك وبينهم .


[11250]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[11251]:في أ: "الحال".
[11252]:زيادة من أ.
[11253]:في أ: "كذلك وإن كان هذا".
[11254]:في أ: "ولا".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

«الكثير » في هذه الآية يراد به من كان يئد من مشركي العرب ، و «الشركاء » ها هنا الشياطين الآمرون بذلك المزينون له والحاملون عليه أيضاً من بني آدم الناقلين له عصراً بعد عصر إذ كلهم مشتركون في قبح هذا الفعل وتباعته في الآخرة ، ومقصد هذه الآية الذم للوأد والإنحاء على فعَلته ، واختلفت القراءة فقرأت الجماعة سوى ابن عامر «وكذلك زَين » بفتح الزاي «قتلَ » بالنصب «أولادِهم » بكسر الدال «شركاؤهم » ، وهذا أبين قراءة ، وحكى سيبويه أنه قرأت فرقة «وكذلك زُين » بضم الزاي «قتل أولادِهم » بكسر الدال «شركاؤهم » بالرفع .

قال القاضي أبو محمد : وهي قراءة أبي عبد الرحمن السلمي والحسن وأبي عبد الملك قاضي الجند صاحب ابن عامر ، كأنه قال : زينه شركاؤهم قال سيبويه : وهذا كما قال الشاعر : [ الطويل ]

ليبك يزيد ضارعٌ لخصومة . . . ومختبط مما يطيح الطوائح{[5108]}

كأنه قال يبكيه ضارع لخصومة ، وأجاز قطرب أن يكون الشركاء في هذه القراءة ارتفعوا بالقتل كأن المصدر أضيف إلى المفعول ، ثم ذكر بعده الفاعل كأنه قال إن قتل أولادهم شركاؤهم كما تقول حبب إليَّ ركوب الفرس زيد أي ركب زيد الفرس .

قال القاضي أبو محمد : والفصيح إذا أضيف مصدر إلى مفعول أن لا يذكر الفاعل ، وأيضاً فالجمهور في هذه الآية على أن الشركاء مزينون لا قاتلون ، والتوجيه الذي ذكر سيبويه هو الصحيح ، ومنه قوله عز وجل على قراءة من قرأ { يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال }{[5109]} بفتح الباء المشددة أي «يسبَّح رجال » وقرأ ابن عامر «وكذلك زُين » بضم الزاي «قتلُ » بالرفع «أولادَهم » بنصب الدال «شركائِهم » بخفض الشركاء ، وهذه قراءة ضعيفة في استعمال العرب ، وذلك أنه أضاف القتل إلى الفاعل وهو الشركاء ، ثم فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول ورؤساء العربية لا يجيزون الفصل بالظروف في مثل هذا إلا في الشعر كقوله [ أبو حية النميري ] : [ الوافر ]

كما خُطَّ بكفِّ يوماً . . . يهوديَّ يقارِبُ أو يزيلُ{[5110]}

فكيف بالمفعول في أفصح الكلام ؟ ولكن وجهها على ضعفها أنها وردت شاذة في بيت أنشده أبو الحسن الأخفش وهو : [ مجزوء الكامل ]

فَزَجَجْتُهُ بِمِزَجَّةٍ . . . زَجَّ القُلُوصَ أبي مزادة{[5111]}

وفي بيت الطرماح وهو قوله : [ الطويل ]

يطفن بحوزيّ المرابعِ لَمْ يُرَعْ . . . بواديهِ من قَرْعِ القِسِيُّ الكنائِن{[5112]}

والشركاء على هذه القراءة هم الذين يتأولون وأد بنات الغير فهم القاتلون ، والصحيح من المعنى أنهم المزينون لا القاتلون ، وذلك مضمن قراءة الجماعة .

وقرأ بعض أهل الشام ورويت عن ابن عامر «زِيْن » بكسر الزاي وسكون الياء على الرتبة المتقدمة من الفصل بالمفعول ، وحكى الزهراوي أنه قرأت فرقة من أهل الشام «وكذلك زُين » بضم الزاي «قتلُ » بالرفع «أولادِهم » بكسر الدال «وشركائِهم » بالخفض والشركاء على هذه القراءة هم الأولاد الموءودون لأنهم شركاء في النسب والمواريث ، وكأن وصفهم بأنهم شركاء يتضمن حرمة لهم وفيها بيان لفساد الفعل إذ هو قتل من له حرمة .

و { ليردوهم } معناه ليهلكوهم من الردى ، { وليلبسوا } معناه ليخلطوا ، والجماعة على كسر الباء ، وقرأ إبراهيم النخعي «وليَلبسوا » بفتح الباء ، قال أبو الفتح : هي استعارة من اللباس عبارة عن شدة المخالطة ، وهذان الفعلان يؤيدان أول قراءة في ترتيبنا في قوله { وكذلك زين } . وقوله تعالى : { ولو شاء الله ما فعلوه } يقتضي أن لا شيء إلا بمشيئة الله عز وجل ، وفيها رد على من قال بأن المرء يخلق أفعاله ، وقوله تعالى : { فذرهم } وعيد محض ، و { يفترون } معناه يختلقون من الكذب في تشرعهم بذلك واعتقادهم أنها مباحات لهم .


[5108]:- سبق الحديث عن هذا البيت عند تفسير قوله تعالى: {عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير}، من الآية (73) من هذه السورة.
[5109]:- من الآيتين (36، 37) من سورة (النور).
[5110]:- هذا البيت لأبي حية النميري، والشاهد فيه إضافة كلمة (كف) إلى (يهودي) مع الفصل بالظرف، وهذا كما يقول ابن عطية غير جائز عند رؤساء العربية مع أنهم يتوسعون في الظرف عن غيره، فكيف بالمفعول في أفصح الكلام؟ والبيت يصف رسوم الدار فيشبهها بالكتاب في دقتها وفي الاستدلال بها، وخص اليهود بالذكر لأنهم أهل الكتاب، وجعل كتابته بعضها متقارب وبعضها مفترق متباين لاقتصاء آثار الديار تلك الصفة والحال، وكلمة (يزيل) بفتح الياء معناها: يُباعد ويُفرق. ومثل هذا البيت في جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه عند من يرى ذلك قول ذي الرمّة: كأن أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس أصوات الفراريج فقد أضاف (أصوات) إلى (أواخر الميس) مع الفصل بالجار والمجرور، والميس: شجر تعمل منه الرحال، والإيقال: سرعة السير، فهو يقول: "كأن أصوات أواخر الميس من شدة سير الإبل بنا واضطراب الرحال، عليها أصوات الفراريج. (عن شرح الشواهد للشمنتمري) وراجع أيضا (مجمع البيان لعلوم القرآن جـ3 ص4).
[5111]:- ذكر أبو الحسن الأخفش هذا البيت دون أن ينسبه لأحد، والزّج هنا: الطعن، والمزجّة بكسر الميم: رمح قصير كالمزاريق، والقلوص بفتح القاف: الناقة الفتية. يقول: إنه زجّ امرأته كما زجّ أبو مزادة القلوص، وأبو مزادة كنية رجل. (عن شرح الشواهد الكبرى للعيني- باب الإضافة).
[5112]:- قال في (اللسان): الحوزي: المتوحد وهو الفحل منها- يعني الإبل أو البقر. يقول: "إن البقرة تطوف بهذا الفحل المنفرد المتوحّد في المراتع وهو مع ذلك آمن ساكن لم يُرَع في واديه من قرن الكنائن". وقد نسب صاحب اللسان البيت للطرماح أيضا، ونسبه صاحب التاج للعجاج. هذا والشواهد التي يسوقها النحويون على جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه كثيرة، ويمكن الرجوع إلى (النحو الوافي جـ3 باب الإضافة) ففيه تفصيل وتحليل ومناقشة للموضوع