اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

هذا نوع آخر من أحْكَامِهِم الفاسدة ومذاهبهم البَاطِلة .

قوله : " وكذلِكَ زيَّنَ " هذا في محلِّ نصبٍ نعتاً لمصدرٍ محذُوف كنظائره ، فقدَّره الزمخشري{[15246]} تقديرين ، فقال : " ومِثْل ذلك التَّزْيين وهو تَزْيين الشِّرْك في قِسْمَة القُرْبَان بين اللَّهِ والآلهة ، أو : ومثل ذلك التَّزيين البَلِيغ الذي عُلِم من الشَّياطين " .

قال أبو حيَّان{[15247]} : قال ابن الأنْبَاري : ويجُوز أن يكون " كَذَلِكَ " مستَأنفاً غير مُشَارٍ به إلى ما قَبْله ، فيكون المَعْنَى : وهكذا زيَّن .

قال شهاب الدِّين{[15248]} : والمنْقُول عن ابن الانْبَاري أنه مُشَارٌ به إلى ما قبله ، نقل الواحِدِي عنه ؛ أنه قال : " ذَلِكَ " إشارةٌ إلى ما نَعَاه اللَّه عليهم من قَسْمِهِم ما قَسَمُوا بالجَهْل ، فكأنه قِيلَ : ومثل ذلك الذي أتَوْه في القَسْم جهلاً وخطأ زيِّن لكَثِير من المُشْركين ، فشبَّه تَزْيين الشرُّكَاء بخِطَابهم في القَسْمِ وهذا معنى قول الزَّجَّاج ، وفي هذه الآية قراءات كَثِيرة ، والمُتواتِر منها ثِنْتَان .

الأولى : قرأ العامّة{[15249]} " زَيَّنَ " مبنياً للفَاعِل و " قَتْلَ " نصب على المفعُوليَّة و " أوْلادَهُم " خفض بالإضافة ، و " شركاؤُهم " رفع على الفاعلية ، وهي قراءة واضحة المعنى والتركيب .

وقرأ ابن عامر : " زيّن " مبنيا للمفعول ، " قتلُ " رفعا على ما لم يُسَمَّ فاعله ، " أولادهم " نَصْباً على المفعُول بالمصْدَر ، " شُركَائِهِم " خفضاً على إضافة المصدر إليه فَاعِلاً ، وهذه القراءة مُتواتِرة صحيحة ، وقد تجرأ كَثِيرٌ من النَّاسِ على قَارِئهَا بما لا يَنْبَغي ، وهو أعلى القُرَّاء السَّبْعَة سَنَداً وأقدمهم هِجْرَة .

أمَّا عُلُوِّ سنده : فإنَّه قرأ على أبِي الدَّرْدَاء ، وواثِلة بن الأسْقَع ، وفَضَالةِ بن عُبَيْد ، ومعاوية بن أبي سُفْيَان ، والمُغِيرةَ المَخْزُومِي ، ونقل يَحْيَى الذُّماري أنه قرأ على عُثْمَان نفسه .

وأما قدَم هِجْرَته فإنَّه وُلِد في حَيَاة رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونَاهِيك به أن هشام بن عمَّار أحد شُيُوخ البُخَارِيّ أخذ عن أصْحاب أصحابه وتَرْجَمَته مُتَّسِعَة ذكرتُها في " شرح القصيد " .

وإنَّما ذكرت هُنَا هَذِه العُجَالة تَنْبيهاً على خَطَإٍ من رَدَّ قراءته ونَسَبَه إلى لَحْنٍ ، أو اتِّبَاع مجرَّد المَرْسُوم فقط .

قال أبو جَعْفَر النحاس{[15250]} : وهذا يَعْني أنّ الفَصْل بين المُضَافِ والمضافِ إليه بالظَّرْفِ أو غيره لا يجُوز في شِعْرٍ ولا غيره ، وهذا خطأ من أبي جَعْفَر ؛ لما سنذكره من لسَان العرب .

وقال أبو علي الفارسيّ : هذا قَبيحٌ قليل في الاسْتِعْمَال ، ولو عَدَل عَنْهَا - يعني ابن عامر- ، كان أولى ؛ لأنهم لم يَفْصِلُوا بين المُضَافِ والمُضافِ إليه بالظَّرف في الكلام مع اتِّساعهم في الظَّرُوفِ ، وإنَّما أجَازُوه في الشِّعْر " قال : " وقد فَصَلُوا به - أي بالظَّرف - في كَثِير من المواضع ، نحو قوله تعالى { إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ } [ المائدة : 22 ] ؛ وقال الشاعر في ذلك : [ المتقارب ]

عَلَى أنَّنِي بَعْدَمَا قَدْ مَضَى *** ثلاثُونَ - لِلْهَجْرِ - حَوْلاً كَمِيلاً{[15251]}

وقول الآخر في هذا البيت : [ الطويل ]

فَلاَ تَلْحَنِي فيها فإنَّ- بِحُبِّهَا - *** أخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمٌّ بلابِلُهْ{[15252]}

ففصل بين " إنَّ " واسْمَها بما يتعلَّق بخبَرِهَا ، ولو كان بِغَيْر الظرف ، لم يَجُزْ ، ألا تَرَى أنَّك لو قُلْتَ : " إنَّ زَيْداً عَمْراً ضَارِب " على أن يكون " زَيْداً " منصُوباً ب " ضَارِب " لم يَجز ، فإذا لم يُجِيزُوا الفَصْل بين المُضَافِ والمُضافِ إلَيْهِ في الكلامِ بالظرفِ مع اتِّساعهم فيه في الكلام ، وإنما يجُوزُ في الشَّعْر ؛ كقوله : [ الوافر ]

كَمَا خُطَّ الكِتَاب بَكَفِّ - يَوْماً- *** يَهْودِيّ يُقَاربُ أوْ يُزيلُ{[15253]}

فأن لا يجوز بالمفعُول الذي لم يُتَّسعْ فيه بالفَصْلِ أجْدَر ، ووجه ذلك على ضَعْفَه وقلَّة الاسْتِعَمال : أنه قد جَاءَ في الشِّعْر على حدِّ ما قَرَأهُ قال الطِّرْمَاح : [ الطويل ]

يَطُفْنَ بِحُوزِيِّ المَرَاتِعِ لَم تَرُعْ *** بِوَاديهِ مِنْ قَرْعِ - القِسيِّ - الكَنَائِنِ{[15254]}

وأنشد أبو الحسن : [ مجزوء الكامل ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** زَجَّ - القلُوصَ - أبِي مَزَادهْ{[15255]}

وقال أبو عُبَيْد : وكان عبْدُ اللَّه بن عَامِر ، وأهل الشام يَقْرءُونها : " زُيِّن " بضم الزَّاي " قَتْلُ " بالرَّفْع ، " أولادَهُم " بالنَّصْب ، " شُرَكَائهم " بالخَفْضِ ، ويتأولون " قَتْلَ شُرَكَائِهِم أوْلادَهم " فيفرقون بين الفِعْل وفاعله .

قال أبو عبيد : " ولا أحِبُّ هذه القراءة ؛ لما فيها من الاسْتِكْرَاه والقِراءة عِنْدنَا هي الأولَى ؛ لصحِّتِها في العربيّة ، مع إجْماع أهْل الحَرْمَيْن والمِصْرَين بالعراق عَلَيْهَا " .

وقال سيبويْه{[15256]} في قولهم :

يا سَارِقَ اللَّيْلَةِ أهْلَ الدَّارْ{[15257]} *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بخفض " اللَّيْلَةِ " على التَّجُّوز وبنصب " الأهْلِ " على المَفْعُولِيَّة ، ولا يجُوز " يا سَارِقَ اللَّيْلَة أهْلَ الدَّار " إلاَّ في شِعْر ؛ كراهة أن يَفْصِلُوا بين الجَارِّ والمجْرُور ، ثم قال : وممَّا جَاء في الشِّعْر قد فُصِل بَيْنَهُ وبين المَجْرُور قول عمرو بن قميئة : [ السريع ]

لمَّا رَأتْ سَاتِيدَمَا اسْتَعْبَرَتْ *** لِلَّهِ دَرُّ - اليَومَ - مَنْ لاَمَهَا{[15258]}

وذكر أبْيَاتاً أُخَر .

ثم قال : وهذا قبيح ويجوز في الشعر على هذا : " مررت بخير وأفضل من ثمّ " .

وقال أبو الفتح بن جني{[15259]} : " الفَصْل بين المُضَافِ والمُضَافِ إليه بالظَّرْف والجَارِّ والمَجْرُور كَثِيرٌ ، لكنه من ضَرُورَة الشَّاعِر " .

وقال مكي بن أبي طالب{[15260]} : " ومن قَرَأ هذه القراءة ونَصَب " الأوْلادَ " وخفض " الشُّركاء " فيه قراءة بعيدةٌ ، وقد رُويَتْ عن ابْن عامر ، ومجازها على التَّفْرِقَة بين المُضَافِ والمُضافِ إليه بالمفعُول ، وذلك إنَّما يجُوزُ عند النَّحويِّين في الشِّعْر ، وأكثر ما يَكُون بالظَّرْفِ " .

قال ابن عطيَّة - رحمه الله{[15261]} - : وهذه قراءةٌ ضَعِيفَة في اسْتِعْمَال العرب ، وذلك أنَّه أضاف الفِعْلَ إلى الفاعل ، وهو الشُّرَكَاء ، ثُمَّ فصل بين المُضافِ والمُضافِ إليه بالمفْعُول ، ورُؤسَاء العربيَّة لا يُجيزُون الفَصْل بالظُّرُوف في مِثْل هذا إلا في شِعْرٍ ؛ كقوله : [ الوافر ]

كَمَا خُطَّ - الكِتَابُ بِكَفِّ يَوْماً *** يَهْودِيِّ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[15262]}

البَيْت فكيف بالمَفْعُول في أفْصح كلام ؟ ولكنْ وجهُها على ضَعْفِها : أنَّها وردت في بَيْتٍ شاذّ أنْشَدَهُ أبو الحَسَن الأخْفَش ، فقال : [ مجزوء الكامل ]

فَزَجَجْتُهَا بِمَزجَّةٍ *** زَجَّ - القلُوصَ - أبي مَزَادَهْ{[15263]}

وفي بيت الطِّرمَّاح ، وهو قوله : [ الطويل ]

يَطُفْنَ بِحُوزِيِّ المَرَاتِعِ لَمْ تَرُعْ *** بِوَادِيهِ مِنْ قَرْع - القِسِيَّ - الكَنَائِنِ{[15264]}

وقال الزَّمخشري{[15265]} - فأغْلظ وأسَاء في عبارتهِ- " وأم قِرَاءة ابن عامرٍ - فذكرها- فشيء لو كان في مكان الضرُورة وهو الشِّعْر ، لكان سَمِجاً مرْدُوداً كما سَمُج ورود :

[ مجزوء الكامل ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** زَجَّ - القلُوصَ - أبِي مَزَادَهْ{[15266]}

فكيف به في الكلام المَنْثُور ؟ وكيف به في القُرْآن المُعْجِز بحُسْن نَظْمِه وجَزَالَتِه ؟ الذي حمله على ذلك : أنْ رأى في بَعْض المَصَاحف " شُرَكَائِهِم " مكْتُوباً بالياءِ ، ولو قرأ بجرِّ " الأوْلاد " و " الشُّركاء " - لأن الأولاد شُرَكَاؤهم في أموالهم - لوجَد في ذلك مَنْدُوحة عن هذا الارتكاب " .

قال شهاب الدين{[15267]} : " سَيَأتي بيان ما تمنَّى أبو القاسِم أن يَقْرَأه ابن عَامرٍ ، وأنه قد قرأ به ، فكأنَّ الزَّمَخْشَرِيّ لم يَطَّلِعْ على ذلك ، فلهذا تَمَنَّاه " .

وهذه الأقوال التي ذكرتها جَمِيعاً لا يَنْبَغِي أن يُلْتَفَت إليها ؛ لأنها طَعْن في المُتَواتِر ، وإن كانت صَادِرةً عن أئِمَّةٍ أكَابِر ، وأيضاً فقد انْتصَر لها من يُقَابِلُهُم وأوْرَد من لسانِ العربِ نَظْمهِ ونَثْرِه ما يَشْهَد لصِحَّة هذه القراءة لُغَة .

قال أبو بَكْر بن الأنْبَاريّ : " هذه قِرَاءة صَحيحَةٌ وإذا كانت العرب قد فَصَلَتْ بني المُتضَايفين بالجُمْلَة في قولهم : " هُو غُلامُ- إن شَاءَ اللَّه- أخِيكَ " يُرِيدون : هو غلام أخِيكَ ، فأنْ يُفْصَل بالمفْرَد أسْهَل " انتهى .

وسمع الكَسَائِي قول بعضهم : " إن الشَّاةُ لتجترُّ فتَسْمع صَوْت واللَّه ربِّهَا " ، أي : صَوْت ربِّها واللَّه ، ففصل بالقسم وهو في قُوَّة الجُمْلَة ، وقرأ بَعْض السَّلَف{[15268]} : { فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدَهِ رُسُلِهِ } [ إبراهيم : 47 ] بنصب " وَعْدَهُ " وخفض " رُسُلِهِ " وفي الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام- : " هَلْ أنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبي ، تَارِكُوا لِي امْرَأتِي " {[15269]} أي تاركو صَاحِبي لي ، تَارِكُو امْرَأتِي لي .

وقال ابن جِنِّي في كتاب " الخصائص " : باب ما يَرِدُ عن العَرَبِيّ مُخَالِفاً للجُمْهُور ، إذا اتَّفق شَيْءٌ من ذلك ، نُظِر في ذلك العربي وفيما جَاءً بهِ : فإن كان فَصِيحاً وكان مَا جَاء به يَقْبَلُه القِيَاسُ ، فَيَحْسُن الظَّنُّ به ؛ لأنه يمكن أن يَكُون قَدْ وَقَع إليه ذَلِك من لُغَةٍ قديمة ، قد طَال عَهْدُها وعَفَا رَسْمُهَا .

أخبرنا أبُو بكْر جعفر بن مُحَمَّد بن أبي الحَجَّاج ، عن أبي خَلِيفَة الفَضْل بن الحباب ، قال : قال ابن عَوْف عن ابن سيرين : قال عُمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه- : " كان الشِّعْر عِلْمَ قَوْم لم يَكُونْ لَهُم عِلْمٌ أصحّ منه ؛ فجاء الإسْلام فتشاغَلَت عَنْه العَرَب بالجِهَاد وغَزْو فَارِس والرُّوم ، ولَهَت عن الشِّعر وروايته ، فلما كَثُر الإسلام وجاءت الفُتُوح ، وأطْمَأنَّت العرب في الأمْصَارِ ، راجَعُوا رواية الشِّعْرِ فلم يَئُولوا إلى دِيوانٍ مُدَوَّنٍ ، ولا إلى كِتاب مكْتُوبٍ ، وألِفُوا ذلك وقد هَلَك مَنْ هَلَك من العربِ بالموت والقَتْلِ ، فَحَفِظُوا أقل ذلك وذهب عَنْهُم كَثِيرُه " . قال : وحدَّثنا أبو بكر ، عن أبِي خَلِيفَة عن يُونُس بن حَبِيب ، عن أبِي عَمْرو بن العلاء . قال : " ما انْتَهى إليكم مما قالت العَرَب إلا أقَلُّه ، ولو جَاءَكُم وافراً لجَاءَكُم عِلْمٌ وشِعْر كَثِير " .

وقال أبو الفَتْح : " فإذا كان الأمْر كَذَلِك ، لم نَقْطَع على الفَصِيح إذا سُمِع مِنْه ما يُخَال الجُمْهُور بالخَطَإ ، ما وُجِد طَريقٌ إلى تَقَبُّل ما يُورِدُه ، إلا إذا كان القِيَاسُ يُعَاضِدُه " .

قال شهاب الدِّين{[15270]} : وقراءة هذا الإمام بهذه الحيثيَّة ، بل بطريق الأولَى والأحْرَى لو لم تكُن مُتَوَاتِرة ، فكيف وهي مُتواتِرَة ؟ وقال ابن ذَكْوَان : سألَني الكَسَائِي عن هذا الحَرْفِ وما بَلَغَهُ من قِرَاءتنا ، فرأيْتُه كأنه أعْجَبَه وتَرَنّم بهذا البيت : [ البسيط ]

تَنْفِي يَدَاهَا الحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ *** نَفْيَ - الدَّرَاهِيمَ - تَنْقَادِ الصَّيَارِيفِ{[15271]}

بنصب " الدَّرَاهِيم " [ وجَرِّ " تَنْقَاد " ، وقد رُوِي بخفض " الدَّرَاهِيم " ورفع " تَنْقَادُ " وهو الأصْل ، وهو المَشْهُور في الرِّواية ]{[15272]} .

وقال الكرمَانِيّ : " قراءة ابن عَامرٍ وإن ضَعُفَتْ في العَرَبِيَّة للإحَالَة بين المُضَافِ والمُضَافِ إليه فَقَويَّةٌ في الرَّواية عَالِيةٌ " انتهى .

وقد سُمِعَ ممَّنْ يُوثَق بعربيَّته : " تَرْكُ يَوْماً نَفْسِك وهَوَاهَا سَعْيٌ في رَادَاهَا " أي : تَرْكُ نَفْسِك يَوْماً مع هَوَاهَا سَعْيٌ في هَلاكِهَا .

وأما ما ورد في النَّظْمِ من الفَصْلِ بين المُتَضَايفين بالظَّرْف ، وحَرْف الجرِّ ، وبالمفعول فكَثِيرٌ ، وبغير ذلك قَلِيل ، فمن الفَصْل بالظَّرْفِ قول الشاعر : [ الطويل ]

فرِشني بخير لا أكونن ومِدحتي *** كناحِت يوما صخرة بعسيلِ{[15273]}

وتقديره : كناحِتِ صخرة يوما ؛ ومثله قول الآخر : [ الوافر ]

كَمَا خُطَّ الكِتَابُ بَكَفِّ - يَوْماً - *** يَهْودِيِّ . . . . . . . . . . . . . . . . {[15274]}

وقول الآخر : [ السريع ]

قَدْ سَألَتْنِي أمُّ عَمْرٍو عَنِ ال *** أرْضِ الَّتِي تَجْهَلُ أعلامَهَا

لمَّا رَأتْ سَاتِيدَمَا اسْتَعْبَرَتْ *** لِلِّهِ دَرُّ - اليَوْمَ - مَنْ لاَمَها

تَذَكَّرَتْ أرْضاً بِهَا أهْلُهَا *** أخْوالَهَا فِيهَا وأعْمَامَهَا{[15275]}

يريد : للَّه دَرُّ مَنْ لامَها اليَومْ ، و " ساتِيدمَا " قيل : هو مرَكَّب والأصْل : " سَاتِي دَما " ثم سمِّي به هذا الجبل ؛ أنه قُتِل عِنْدَه ، قيل : ولا تَبْرح القَتْلَى عند ، وقيل : " سَاتِيد " كله اسْمٌ و " مَا " مَزِيدة ؛ ومثال الفَصْل بالجار قوله : [ الطويل ]

هُمَا أخَوَا - فِي الحرْب - مَنْ لا أخَا لَهُ *** إذا خَافَ يَوْمَاً نَبْوَةً فَدَعَاهُمَا{[15276]}

وقال الآخر في ذلك : [ البسيط ]

لأنْتَ مُعْتَادُ - فِي الهَيْجَا - مُصَابَرَةٍ *** يَصْلَى بِهَا كُلُّ مَنْ عَادَاكَ نِيرَانَا{[15277]}

وقوله أيضاً : [ البسيط ]

كَأنَّ أصْوَات - مِن إيغَالِهِنَّ بِنَا - *** أوَاخِر المَيْسِ أصْواتُ الفَرَارِيجِ{[15278]}

قوله أيضاً : [ الطويل ]

تَمُرُّ على ما تَسْتِمِرُّ وَقَدْ شَفَتْ *** غَلائِلَ - عَبْدُ القَيْسِ مِنْهَا - صُدُورِهَا{[15279]}

يريد : هما أخَواَ مَنْ لا أخَا لَهُ في الحربِ ، ولأنْتَ مُعْتَادُ مُصَابرةٍ في الهَيْجاء ، وكأن أصوات أواخر الميس وغَلائِل صُدُورها ، ومن الفَصْل بالمفعُول قول الشاعر في ذلك : [ مجزوء الكامل ]

فَزَجَحْتُهَا بِمَزَجَّةٍ *** زَجَّ - القُلُوصَ - أبِي مَزادَهْ{[15280]}

ويروي : فَزَجَجْتُها فتدافعتْ ، ويروى : فزجَجْتُهَا متمكِّنَا ، وهذا البيت كما تقدم أنْشَده الأخْفَش بِنْصَب " القَلُوصَ " فاصلاً بين المصدر وفاعل المعْنوِيّ ، إلا أن القرَّاء{[15281]} قال بعد إنشاده لهذا البيتِ : أهل المدينة يُنْشِدون هذا البَيْتَ يعني : بِنَصْب " القَلُوص " .

قال : " والصَّواب : زَجَّ القَلُوصِ بالخَفْض " .

قال شهاب الدِّين{[15282]} : وقوله : " والصَّواب يُحْتَمل أن يكُون من حَيْث الرِّوَاية " أي : إن الصّواب خفضُه على الرواية الصَّحيحة وأن يكُون من حَيْثُ القياس ، وإن لم يُرْوَ إلا بالنَّصْب ، وقال في مَوْضِع آخر من كتابه " مَعَانِي القُرْآن " {[15283]} : " وهذا ممَّا كان يقُولُه نَحْويُّو أهل الحِجَاز ، ولم نَجِد مِثْلَه في العربيَّة " وقال أبو الفَتْح{[15284]} : " في هذا البيت فُصِل بينهُمَا بالمفعُول به هذا مع قُدْرته على أنْ يقُول : زَجَّ القَلُوص أبو مزادة ؛ كقولك : " سَرَّنَي أكلُ الخُبْزِ زَيْدٌ " بمعنى : أنه كان يَنبَغِي أن يُضِيفَ المَصْدَر إلى مَفْعُوله ، فَيَبْقى الفاعل مَرْفُوعاً على أصْلِه ، وهذا مَعْنَى قول الفرَّاء الأوَّل " والصَّواب جر القَلُوص " سيعني ورفع الفاعل " .

ثم قال ابن جِني{[15285]} : وفي هذا البَيْت عِنْدي دَلِيلٌ على قُوَّة إضافَةِ المَصْدَر إلى الفَاعِل عِنْدَهُم ، وأنه في نُفُوسِهِم أقْوَى من إضافته إلى المَفْعُول ؛ ألا تراه ارْتَكب هذه الضَّرُورة مع تمكُّنِهِ من تركِهَا لا لِشَيْءٍ غير الرَّغْبة في إضافة المصْدَرِ إلى الفاعل دُون المَفْعُول ، ومن الفَصْلِ بالمفعُول به أيضاً قول الآخر في ذلك : [ الرجز ]

وحِلَقِ المَاذِيِّ والقَوانِسِ *** فَدَاسَهُمْ دَوْسَ الحَصَادَ الدَّائِسِ{[15286]}

أي : دوس الدائس الحصادَ .

ومثله قول الآخر : [ الرجز ]

يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنَافِجِ *** بالقَاعِ فَرْكَ -القُطُنَ - المُحَالِجِ{[15287]}

يريد : فَرْك المُحَالِجِ القُطْن ، وقول الطِّرمَّاحِ في ذلك : [ الطويل ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** بِوَاديهِ مِنْ قَرْعِ - القِسيَّ - الكَنَائَنِ{[15288]}

يريد : قَرْع الكَنَائِنِ القِسِيَّ .

قال ابن جِنِّي في هذا البيت : " لم نَجِد فيه بُداً من الفَصْلِ ؛ لأن القوافي مَجْرُورَة " وقال في " زَجِّ القَلُوصِ " فصل بَيْنَهُما بالمَفْعُول به ، هذا ما قُدْرَته إلى آخَر كلامهِ المتقدِّم ، يعني : أنَّه لو أنْشَد بَيْت الطِّرْمَاح بخَفْضِ " القِسِيِّ " ورفع " الكَنَائِنِ " لم يَجُز ؛ لأن القَوافِي مَجْرُورة بِخِلاف بَيْت الأخْفَش ؛ فإنه لو خفض " القَلُوص " ورَفع " أبُو مَزَادَة " لم تَخْتَلِف فيه قَافيِتَه ولمْ يَنْكَسِر وَزْنَه .

قال شهاب الدِّين{[15289]} : ولو رفع " الكَنَائِن " في البيت ، لكان جَائِزاً وإن كانتِ القوافي مَجْرُورة ، ويكُون ذلك إقْوَاءً ، وهو أن تكُون بَعْضُ القَوَافي مَجْرُورة وبَعْضُها مَرْفُوعة ؛ كقول امرئ القيس : [ الكامل ]

تخدي على العلاّت سامٍ رأسُها *** روعاءُ منسِمُها رثيمٌ دامِ{[15290]}

ثم قال القائل : [ الكامل ]

جَالَتْ لِتصْرَعَنِي فَقُلْتُ لَهَا اقْصِري *** إنِّ امْرُؤٌ صَرْعِي عَلَيْكِ حَرَامُ{[15291]}

فالميمُ مَحْفُوضة في الأوَّل ، مَرْفُوعة في الثَّاني .

فإن قيل : هذا عَيْبٌ في الشِّعْر .

قيل : لا يتقاعد ذلك عن أنْ يَكُون مِثْل هذه للضَّرُورةَ ، والحقُّ أن الإقْواء أفْحَشُ وأكثر عَيْباً من الفَصْل المَذْكُور ، و من ذلك أيضاً : [ الوافر ]

فإنْ يَكُنِ النِّكَاحُ أحَلِّ شَيءٍ *** فإنَّ نِكَاحَهَا مَطَرٍ حَرَامُ{[15292]}

أي : فإنَّ نِكَاحَ مطرٍ إيَّاها ، فلما قدَّم المفْعُول فَاصِلاً بين المَصْدَر وفاعله ، اتَّصَل بعامِلهِ ؛ لأنه قدر عليه مُتَّصِلاً فلا يَعْدل إليه مُنْفَصِلاً ، وقد وقع في شِعْر أبي الطَّيِّب الفَصْل بين المَصْدَر المُضافِ على فَاعِلهِ بالمَفْعُول ؛ كقوله{[15293]} : [ الطويل ]

بَعَثْتُ إلَيْهِ مِنْ لِسَانِي حَدِيقَةَ *** سَقَهَا الحَيَا سَقْي - الرِّياضَ- السَّحائبِ{[15294]}

أي : سقي السَّحائب الرِّياضَ ، وأما الفَصْل بغير ما تقدَّم فهو قَلِيلٌ ، فمنه الفَصْل بالفاعل .

كقوله : [ الطويل ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** غَلاَئِلَ عَبْدُ القَيْسِ مِنْهَا صُدورِهَا{[15295]}

فَفَصَل بين " غَلائِلَ " وبين " صُدُورَهَا " بالفاعل وهو " عبْدُ القَيْسِ " ، وبالجار وهو " مِنْهَا : كما تقدَّم بيانه ؛ ومثله قول الآخر : [ الطويل ]

نَرى أسْهُماً لِلْمَوْتِ تُصْمِي وَلاَ تُنْمي *** ولا تَرْعَوِي عَنْ نَقْضِ - أهْوَاؤنَا - العَزْمِ{[15296]}

فأهْوَاؤنا فاعل بالمصدر ، وهو " نَقْض " وقد فصل به بين المَصْدَر وبين المُضَاف إلَيْه وهو العَزم ؛ ومثله قول الآخر : [ المنسرح ]

أنْجَبَ أيَّام - والدهُ بِهِ- *** إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ مَا نَجَلا{[15297]}

يريد : أيَّام إذ نجلاه ، ففصل بالفاعل وهو " والدهُ " المرفوع ب " أنْجَبَ " بين المُتضايفين وهما " أيَّام - إذْ ولداه " .

قال ابن خَرُوف : " يجوزُ الفصل بين المصْدَر والمضاف إليه بالمفعُول ؛ لكوْنِهِ في غير محلِّه ، ولا يجُوزُ بالفاعل لكوْنِهِ في محلِّه وعليه قراءة ابن عَامِر " .

قال شهاب الدِّين{[15298]} : هذا فَرْقٌ بين الفاعل والمفعُول حيث اسْتَحْسن الفَصْل بالمفْعُول دون الفاعل ، ومن الفَصْل بغير ما تقدَّم أيضاً الفَصْل بالنِّداء ؛ كقوله : [ البسيط ]

وفَاقُ - كَعْبُ - بُجَيْر مُنْقِذٌ لَكَ مِنْ *** تَعْجِيلِ مُهْلَكَةٍ والخُلْدِ في سَقَرِ{[15299]}

وقول الآخر : [ الطويل ]

إذَا مَا - أبَا حَفْصٍ - أتَتْكَ رَأيْتَهَا *** عَلَى شُقراءِ النَّاسِ يَعْلُو قَصِيدُهَا{[15300]}

وقول الآخر في ذلك : [ الزجر ]

كأنَّ بِرْذَوْنَ - أبَا عِصَامِ- *** زَيْدٍ حِمَارٌ دُقَّ بِاللِّجَامِ{[15301]}

يريد : " وفاق بجَيْر يا كَعْب " و " إذا ما أتَتْكَ يا أبَا حَفْصٍ " و " كأن بِرْذَوْنَ زَيْد يا أبا عِصَام " .

ومن الفَصْل أيضاً الفَصْل بالنَّعْتِ ؛ كقول مُعَاوِية يُخاطِب به عَمْرو بن العَاص : [ الطويل ]

نَجَوْتَ وَقَدْ بَلَّ المُرَادِيُّ سَيْفَهُ *** مِن ابْنِ أبِي شَيْخِ الأبَاطِح طَالبِ{[15302]}

وقول الآخر في ذلك : [ الكامل ]

وَلَئِنْ حَلَفْتُ عَلَى يَدَيْكَ لأحْلِفَنْ *** بيَمِينِ أصْدَقَ مِنْ يَمينكَ مُقْسِمِ{[15303]}

يريد : من ابن أبي طَالِب شَيْخ الأبَاطِح ، فشيخ الأباطح نعْت لأبي طالب ، فصل به بَيْن أبي ، وبَيْن طالب ، ويريد : لأحْلِفَن بيمين مُقْسِم أصْدَق من يَمِينِك ؛ ف " أصدق " نعت لَقَوْله بيمين ، فصل به بَيْن " يَمِين " وبَيْن " مُقْسِمِ " ومن الفَصْل أيضاً الفَصْل بالفِعْل المُلْغَى ؛ كقوله في ذلك : [ الوافر ]

ألا يَا صَاحِبَيَّ قِفَا المَهَارَى *** نُسَائِلْ حَيَّ بَثْنَةَ ايْنَ سَارَا ؟

بأيِّ تَرَاهُم الأرَضِين حَلُّوا *** أألدَّبَرَانِ أمْ عَسَفُوا الكِفَارَا ؟{[15304]}

يريد : بأي الأرضين تراهم حَلُّوا ، ففصل بقوله " تَرَاهمُ " بين " أيّ " وبين الأرضين .

ومن الفَصْل أيضاً الفَصْل بمفْعُول " لَيْس " معمولاً للمصدر المُضاف إلى فاعل ؛ كقول الشاعر : [ البيسط ]

تَسْقِي امتياحاً ندى المِسْواكَ ريقَتها *** كَمَا تَضَمَّن مَاءَ المُزْنَةِ الرَّصَفُ{[15305]}

أي : تسْقِي ندى ريقتها المِسْوَاك ف " المِسْوَاك " مفْعُول به نَاصبة " تَسْقِي " فصل به بين " نَدَى " وبين " ريقتهَا " ، وإذ قد عَرَفْت هذا ، فاعْلَم أنَّ قِرَاءة ابن عَامِر صحيحَة ؛ من حيث اللُّغَةِ كما هي صَحيحة من حَيْث النَّقْل ، ولا التِفَات إلى قَوْل من قال : إنه اعْتَمَد في ذلك على رسْم مُصْحَفِ الشَّام الذي أرْسَلَه عُثْمَان بن عفَّان- رضي الله عنه- : لأنه لم يُوجَد فيه إلا كَتَابة " شُرَكَائِهِم " بالياء وهذا وإن كافياً في الدَّلالة على جَرِّ " شُرَكائِهِم " ، فليس فيه ما يَدُلُّ على نَصْب " أوْلادَهُم " ؛ إذا المصْحَفُ مُهْمَلٌ من شكْل ونقط ، فلم يَبْقَ له حُجَّة في نَصْب الأولاد إلاَّ النَّقْل المحض .

وقد نقد عن ابن عامرٍ ؛ أنه قرأ بِجَرِّ " الأوْلاد " كما سيأتي بَيَانَهُ وتَخْريجُه ، وأيضاً فليس رسْمها " شُرَكَائِهم " بالياء مخْتَصاً بمصْحَف الشَّامِ ، بل هي كذلك أيضاً في مُصْحَف أهْل الحِجَاز .

قال أبو البرهسم : " فِي سُورة الأنْعَام في إمَام أهْل الشَّم وأهْل الحجاز : " أوْلادَهُم شُرَكَائِهِم " بالياء ، وفي إمام أهل العراق " شُرَكَاؤهُم " ولم يَقْرَأ أهل الحجاز بالخفضِ في " شُرَكَائِهِم " لأن الرَّسم سُنَّةُ مُتَّبعة قد تُوافِقُهَا التِّلاوة وقَدء لا تُوَافِقُ " .

إلاَّ أن الشيخ أبا شَامَةَ قال : " ولم تُرْسم كذلك إلا باعتبار قراءَتَيْن : فالمضموم عليه قِراءة معْظم القُرَّاء " ثم قال : " وأمَّا " شُركَائهم " بالخَفْضِ ؛ فيحتمل قراءة ابن عمر " قال شهاب الدين{[15306]} : وسيأتي كلام أبِي شَامَة هذا بتَمَامة في موْضِعه ، وإنما أخَذْتُ منه [ بقَدر ]{[15307]} الحَاجَة هُنَا .

فقوله : " إن كُلَّ قراءة تَابِعَة لرسم مُصْحَفِها " تُشْكِلُ بما ذكرنا لك من أنَّ مصحَفَ الحِجَازيِّين بالياءِ ، [ مع أنَّهُم لم يَقْرءُوا بذلِك .

وقد نقل أبُو عَمْرو الدَّانيِ أن : " شُرَكَائِهِم " بالياء ]{[15308]} ، إنَّما هو في مُصْحف الشَّامِ دون مَصَاحِف الأمْصَار ؛ فقال : " في مَصَاحِف أهْل الشَّامِ " أوْلادَهُم شُركَائِهم " بالياء ، وفي سائر المصاحف شُركَاؤُهُم بالواو " .

قال شهاب الدين{[15309]} : هذا هو المَشْهُور عند النَّاس ، أعني : اختصاص الياءِ بمصاحفِ الشَّام ، ولكن أبُو البرهسم ثِقَة أيضاً ، فنَقْبَل ما ينقله . وقد تقدَّم قول الزَّمَخْشَري : " والَذي حَمَلَه على ذِلَك أنْ رَأى في بعض المَصاحِف " شُرَكَائِهِم " مكتوباً بالياء " .

وقال الشَّيْخ [ شهاب الدِّين ]{[15310]} أبو شامة : " ولا بُعْد فيما اسْتَبْعَده أهل النَّحْو من جِهَة المَعْنَى ؛ وذلك أنه قَدْ عُهِد المفعُول على الفاعل المَرْفُوع لفظاً ، فاستمرّت له هذه المرتبة مع الفاعل المرفوع تقديراً ، فإنَّ المَصْدر لو كان مُنَوّناً لجاز تَقْدِيم المفعُول على فاعله ، نحو : " أعْجَبَنِي ضَرْب عَمْراً زَيْدٌ " فكذا في الإضَافَة ، وقد ثبت جواز الفَصْل بين حَرْف الجرِّ ومجْرُوره مع شِدَّة الاتِّصال بَيْنَهُمَا أكْثَر من شِدَّته بني المُضَافِ والمُضافِ إليه ؛ كقوله -تعالى- : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ } [ النساء : 155 ] ، { فَبِمَا رَحْمَةٍ } [ آل عمران : 159 ] ف " مَا " زَائِدة في اللَّفْظِ ، فكأنها ساقطة فيه لسقوطها في المعنى ، والمفعول المقدّم هو غير موضعه معنى فكأنه مؤخَّر لَفْظاً ، ولا التِفَات إلى قَوْل من زَعَم أنه لم يَأتِ في الكلام المَنْثُور مثله ؛ لأنه نَافٍ ، ومن أسْنَد هذه القِراءة مُثْبِت ، والإثْبات مُرَجَّح على النَّفْي بإجْماع ، ولو نقل إلى هذا الزّاعِم عن بَعْضِ العرب أنه اسْتَعَمَلَهُ في النَّثْر ، لرجع إلَيْه ، فما بالُه لا يكْتَفِي بناقل القراءة من التَّابعين عن الصَّحابَةِ ؟ ثم الذي حَكَاه ابن الأنْبَاري يَعْني ممَّا تقدَّم حِكايته من قولهم : " هو غُلامُ إن شاء اللَّه أخيك " فيه الفَصْل من غير الشِّعْر بجُمْلَة " .

وقرأ أبو عبد الرحمان السلمي ، والحسن البصري ، وعبد الملك قَاضِي الجند صَاحِب أبن عامِر : " زُيِّن " مبْنِياً للمفعُول ، " قَتْلُ " رفعاً على ما تقدَّم ، " أوْلادِهم " خفْضاً بالإضافة ، " شُرَكَاؤهم " رفْعاً ، وفي رفْعِه تخريجان :

أحدهما - وهو تَخْريج سيبويه{[15311]}- : أنه مَرْفُوع بفعل مُقَدَّر ، تقديره : زَيَّنَه شركَاؤهُم ، [ فهو جواب لِسُؤال ] مقدر كأنَّه قيل : مَنْ زَيَّنه لَهُم ؟ فقيل : " شركَاؤُهُم " ؛ وهذا كقوله تعالى : { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رجَالٌ } [ النور : 36 ] أي : يُسَبِّحُهُ .

وقال الآخر : [ الطويل ]

لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[15312]}

والثاني : خرجه قُطْرُب - أن يكُون " شُرَكَاؤهُم " رفعاً على الفاعليَّة بالمَصْدَر ، والتقدير : زُيِّن للمشركِين أن قَتْلَ أوْلادهم شُركَاؤُهُم ؛ كما تَقُول : " حُبِّب لِي رُكوبُ الفرسِ زَيْدٌ " تقديره : حُبِّب لِي أنْ ركب الفَرَس زَيْد ، والفرق بني التَّخْرِيجَيْن : أن التَّخريج الأوَّل يؤدِّي إلى أن تكُونَ هذه القِرَاءةُ في المَعْنَى ، كالقراءة المَنْسُوبة للعَامَّة في كون الشُّركَاء مُزَيِّنين للقَتْلِ ، وليسوا قَاتِلِين . [ والثاني : أن يكون الشُّركاء قَاتِلين ]{[15313]} ، ولكن ذلك على سبيل المجازِ ؛ لأنهم لما زيَّنُوا قَتْلَهم لآبائِهِم ، وكانوا سَبَباً فيه ، نُسِبَ إليهم القَتْل مجازاً .

وقال أبو البقاء{[15314]} : " ويمكن أن يَقَع القَتْل منهم حَقِيقَة " ، وفي نظر ؛ لقوله -تبارك وتعالى- : " زَيَّن " والإنْسَان إنما يُزَيَّن له فِعْل نَفْسِه ؛ كقوله - تعالى- : { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سوء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً } [ فاطر : 8 ] وقال غير أبي عُبَيْد : " وقرأ أهْل الشام{[15315]} كقِرَاءة ابن عامر ، إلا أنهم خفَضُوا " الأولاد " أيضاً ، وتخريجها سَهْل ؛وهو أن تَجْعَل " شُرَكَائِهم " بدلاً من " أولادِهِم " بمعنى أنهم يُشْرِكُونهم في النَّسب ، والمالِ ، وغير ذلك " .

قال الزَّجَّاج : " وقد رُوِيت " شُركَائِهم " بالياء في بَعْض المصاحفِ ، ولكن لا يَجُوز إلاَّ على أن يكُون " شُركَاؤُهم " من نَعْت الأولاد ؛ لأن أولادهم شُرَكَاؤهُم في أمْوالهم " .

وقال الفراء{[15316]} بعد أنْ ذكر قِرَاءة العامَّة وهي " زَيَّن " مبنياً للفاعل ، " شركَاؤُهُم " مرفوعاً على أنَّه فاعِل- " وقراءة " زُيِّن " مبنياً للمفعُول ، " شركَاؤُهُم " رَفْعاً على ما تقدَّم من أنه بإضْمار فعل ، وفي مُصْحَف أهْل الشَّام " شُركَايهم " بالياء ، فإن تكُن مُثْبتة عن الأوَّلين ، فينبغي أن تقرأ " زُيِّن " ويكون الشُّركَاء هم الأوْلاَد ؛ لأنهم مِنهُم في النَّسْب والمِيراث . وإن كانوا يَقْرَءُون : " زَيِّن " - يعني بفتح الزاي- فَلَسْت أعرف جِهَتَهَا إلا أن يكُونُوا فيها آخِذِين بلُغَة قَوم يَقُولون : أتْيتُها عَشَايَانَا ، ويقولون في تثنية حَمْراء : حَمْرَايَان ، فهذا وَجْه أن يكُونُوا أرَادُوا : زَيَّن لكثير من المشْرِكِين قتل أوْلادهم شُركَايُهم ، يعني بياء مَضْمُومة ؛ لأن " شركَاؤُهُم " فاعل كما مَرَّ في قرَاءة العَامَّة .

قال : " وإن شِئْتَ جَعَلْتَ " زَيَّن " فعلاً إذا فَتَحْتَهُ لا يُلبس ، ثم تَخْفِض الشركاء بإتباع الأولاد " .

قال أبو شامة : " يعني تَقْدير الكلام : " زَيَّن مُزَيّنٌ " فقد أتَّجَه " شركَائِهِم " بالجرِّ أن يكون نعتاً للأوْلاَد ، سواءٌ قُرئ زَيّن بالفتح أو الضم " .

وقرأت فِرْقة{[15317]} من أهْل الشَّامِ - ورُوِيَتْ عن ابن عامر أيضاً- " زِينَ " بكسر الزاي بعدها ياء سَاكِنة ؛ على أنه فِعْل ماض مبْنِيّ للمْجُهول على حَدِّ قِيلَ وبيعَ .

وقيل : مَرْفُوع على ما لم يُسَمَّ فَاعِله ، و " أولادهُم " بالنصب ، و " شُرَكَائِهِم " بالخَفْضِ ، والتَّوْجه واضح مما تقدَّم ، فهي [ و ] القراءة الأولى سواء ، غاية ما في البابِ :

أنَّه أُخذ مِنْ زَانَ الثُّلاثِي ، وبين للمَفْعُول ، فأُعِلَّ بما قد عَرَفْتَهُ في أول البَقَرة{[15318]} .

واللام من قوله " لِكثيرٍ من المشْركينَ " متعلِّقة ب " زَيَّن " ، وكذلك اللاَّمُ في قوله : " ليُرْدُوهُم " .

فإن قيل : كيف تُعَلّق حرفَيْ جر بلفْظٍ واحِد وبمعنى واحد بعامل واحد ، من غَيْر بَدَلِيَّة ولا عَطْف ؟ .

فالجواب : أن مَعْنَاها مختلِفٌ ؛ فإن الأولى للتَعْدِيَة والثَّانية للعِلِّيَّة .

قال الزمخشري : " إن كان التَّزيين من الشَّياطين ، فهي على حقيقةِ التَّعْليل ، وإن كان من السَّدنَةِ ، فهي للصَّيْرُورة " يعني : ان الشَّيْطَان يَفْعَل التَّزْيين وغرضُه بذلك الإرْدَاءُ ، فالتعْلِيل فيه واضِحٌ ، وأمَا السَّدَنةُ فإنهم لم يُزَيِّنوا لهم ذَلِك ، وغرضهم إهْلاكُهم ، ولكن لما مآل حَالِهِم إلى الإرْدَاءِ ، أتى باللاَّم الدَّالَّة على العَاقِبة والمآل .

فصل في بيان ما كان عليه أهل الجاهلية

كان أهْل الجَاهِليَّة{[15319]} يدْفِنُون بَنَاتَهم أحْياء خَوْفاً من الفَقْر والتَّزْويج ، واخْتلفُوا في المراد بالشُّركَاءِ .

فقال مجاهد : شُرَكَاؤُهم شَيَاطينُهم أمَرُوهم بأن يَقْتُلوا أولادَهم خَشْيَة الغِيلَة ، وسمِّيت الشَّياطين شُرَكَاء ؛ لأنهم اتخذوها شُرَكَاء لقوله -تبارك وتعالى- : { أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ مِن دُونِ اللهِ } [ الأنعام : 22 ] .

وقال الكَلْبِيّ : الشركاء سَدَنة آلِهَتِهم وخُدَّامهم ، وهُمُ الَّذِين كَانُوا يُزَيِّنُون للكُفَّار قَتْل أولادهم ، وكان الرَّجُل يَقُوم في الجَاهلِيَّة فيحلف باللَّه إن ولد له كَذَا غُلاماً لَيَنْحَرَنَّ أحدهم ، كما حلف عَبْد المُطَلِّب على ابْنه عبد الله ، وسُمِّيت السَّدَنَة شُرَكَاء كما سُمِّيت الشَّياطِين شُرَكَاء{[15320]} في قَوْل مُجَاهِد ، وقوله " لِيُرْدُوهُم " الإرْدَاء في لُغة{[15321]} القُرْآن الإهلاك { إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } [ الصافات : 56 ] .

قال ابن عبَّاس : " لِيُرْدُوهم في النَّار " {[15322]} واللاَّم هَهُنَا لام العَاقِبة ؛ كقوله : { فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] .

" ولِيلبِسُوا عَلَيْهِم دِينَهُم " أي : يَخْلِطُوا عليه دِينَهُم .

قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما- : ليُدْخِلُوا عليهم الشَّك في دينهم ، وكانوا على دِين إسْمَاعيل فَرَجَعُوا عنه بلبس الشَّياطين .

قوله : " وليَلْبِسُوا " عطف على " ليُرْدُوا " علل التَّزْيين بشَيْئَيْن :

بالإراداء وبالتخليط وإدْخَال الشُّبْهَة عليهم في دينهم .

والجمهور على " وليَلْبِسُوا " بكسر الباء مِنْ لَبَسْتُ عليه الأمْر ألبِسُه ، بفتح العَيْن في المَاضِي وكَسْرِها في المُضَارع ؛ إذا أدْخَلْتَ عليه فيه الشُّبْهَة وخَلَطْتَهُ فيه .

وقد تقدَّم بَيَانُه في قوله : { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [ الأنعام : 9 ] . وقرأ النخعي{[15323]} : " وليلبسوا " بفتح الباء فقيل : هي لغة في المعنى المذْكُور ، تقول : " لَبِسْتُ عليه الأمْر بفتح الباء وكسرها ألْبِسه وألبَسَهُ " والصَّحِيح أن لَبِس بالكَسْر بمعنى لَبِس الثياب ، وبالفَتْح بمعْنى الخَلْط ، فالصَّحيح أنه اسْتَعار اللِّبَاس لشِدَّة المخالطة الحَاصِلَة بَيْنَهم وبين التَخْليط ؛ حتى كأنَّهم لَبسُوها كالثياب ، وصارت مُحِيطة بهم .

قوله : { وَلَوْ شَاءَ الله مَا فَعَلُوهُ } والضَّمير المرفُوع للكَثِير والمنصُوب للقَتْل للتصريح به ، ولأنَّه المسُوق للحديث عنه .

وقيل : المَرْفُوع للشُّركاء والمنْصُوب للتَّزِيين .

وقيل : المَنْصُوب لِلَّبْسِ المَفْهُوم من الفِعْل قَبْله وهو بَعِيد .

وقال الزَّمَخْشَري{[15324]} : " لما فَعَل المُشْرِكُون ما زُيِّن لَهُم من القَتْلِ ، أو لما فَعَل الشَّياطين أو السَّدَنَة التَّزْيين أو الإرْدَاء أو اللِّبْس ، أو جَمِيع ذلِك إن جَعلْتَ الضمير جَارياً مَجْرَى اسم الإشارة " .

قوله : " فَذَرْهُم وما يَفْتَرُون " تقدَّم نظيره{[15325]} .

فصل في المراد من الآية

المعنى : ولو شاء اللَّه لَعصَمْهم حتى ما فَعَلُوا ذلِك من تَحْريم الحَرْث والأنْعَام ، وقتل الأولاد فذرهم يا مُحَمَّد وما يَفْتَرُون يختلِقُون في الكَذِب ، فإن اللَّه لهم بالمِرصَاد .

قال أهل السُّنَّة{[15326]} : وهذا يَدُلُّ على أن كُلَّ ما فَعلَهُ المشرِكُون - فهو بِمَشِيئَة الله - تبارك وتعالى- .

وقال المعتزلة : إنه مَحْمُول على مَشِيئَة الإلْجَاء{[15327]} كما سَبَق .


[15246]:ينظر: الكشاف 2/69.
[15247]:ينظر: البحر المحيط 4/231.
[15248]:ينظر: الدر المصون 3/186.
[15249]:ينظر: السبعة 270 الحجة لأبي زرعة 273 النشر 2/263 المشكل 1/271 ـ 272 إتحاف فضلاء البشر 2/32 المصاحف لابن أبي داود (45) الحجة لابن خالويه 150 تفسير الطبري 8/33 معاني الفراء 1/357 التبيان 1/540 الدر المصون 3/186 إعراب القراءات 1/171.
[15250]:ينظر: إعراب القرآن 1/583.
[15251]:تقدم.
[15252]:ينظر: الأشباه والنظائر 2/231، وخزانة الأدب (8/453)، شرح الأشموني 1/137 الدرر 2/172، شرح شواهد المغني 2/969، شرح ابن عقيل 178، الكتاب 2/133، مغني اللبيب 2/693، همع الهوامع 1/135، المقرب 1/108، والمقاصد النحوية 2/309، الدر المصون 3/186.
[15253]:البيت لأبي حية النميري ينظر: الكتاب 1/91، الخصائص 2/405 أمالي الشجري 2/250، الإنصاف 432 والعيني 3/470 اللسان (عجم)، ابن يعيش 1/103، الدر المصون 3/186.
[15254]:ينظر: ديوانه ص 486، شرح عمده الحافظ 494 لسان العرب (حوز)، المقاصد النحوية 3/462، الإنصاف 2/429، الخصائص 2/406، خزانة الأدب 4/418، الدر المصون 3/187.
[15255]:عجز بيت وصدره: فزججتها بمزجة *** ......... ينظر: الإنصاف 2/427، الكتاب 1/176، شرح المفصل 3/19، المقرب 1/54، تخليص الشواهد 82، خزانة الأدب 4/415، 416، 418، 421، 422، 423، الخصائص 2/406، مجالس ثعلب 152، المقاصد النحوية 3/468، شرح الأشموني 2/327، الدر المصون 3/187.
[15256]:ينظر: الكتاب 1/91.
[15257]:ينظر: ابن يعيش 2/45، ابن الشجري 2/250، الخزانة 3/108، الدر المصون 3/187، والكتاب 1/175 وشهادته على جعله الليلة مسروقة فهو مفعول مضاف، وهذا من التوسع.
[15258]:ينظر: ديوانه 337، الكتاب 1/285، المقتضب 4/77، الخزانة 4/407، ابن يعيش 1/126، معجم البلدان (ساتيدما) الدر المصون 3/187.
[15259]:ينظر: المحتسب 2/404.
[15260]:ينظر: المشكل 1/261.
[15261]:ينظر: المحرر الوجيز 2/350.
[15262]:تقدم.
[15263]:تقدم.
[15264]:تقدم.
[15265]:ينظر: الكشاف 2/70.
[15266]:تقدم.
[15267]:ينظر: الدر المصون 3/188.
[15268]:ينظر: إتحاف فضلاء البشر 2/33 وهي قراءة شاذة الدر المصون 3/188 البحر المحيط 4/232.
[15269]:أخرجه البخاري (7/22) كتاب فضائل الصحابة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا خليلا" حديث (3661) من حديث أبي الدرداء.
[15270]:ينظر: الدر المصون 3/188.
[15271]:تقدم.
[15272]:سقط في ب.
[15273]:ينظر: أوضح المسالك 3/184، الدرر 5/43، شرح التصريح 2/58، شرح الأشموني 4/328 شرح عمدة الحافظ 328، همع الهوامع 2/52، المقاصد النحوية 3/481، لسان العرب (عسل)، الدر المصون 3/189.
[15274]:تقدم.
[15275]:تقدم.
[15276]:البيت لدُرنا بنت عبعبة ينظر: الكتاب 1/180، والعيني 3/472 ابن يعيش 3/19، الخصائص 2/405، الإنصاف 2/434، اللسان (أبي) شرح الحماسة 3/1082، وفيها نسبته إلى عمرة الخثعمية ترثي ابنيها، وهو الأصوب، الدر المصون 3/189. والشاهد فيه الفصل بالجار والمجرور، وهو "في الحرب" بين المضاف والمضاف إليه.
[15277]:ينظر: المقاصد النحوية 3/485، الدر المصون 3/189.
[15278]:البيت لذي الرُّمة ينظر: ديوانه 996، الكتاب 1/179 2/166، 280، شرح أبيات سيبويه 1/92، الخصائص 2/404، سر صناعة الإعراب 10، الإنصاف 433، خزانة الأدب 14/108، 413، 419، الحيوان 2/342، جمهرة اللغة 863، المقتضب 4/376، كتاب اللامات 107 شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1083، شرح المفصل 1/103، 3/77، 4/132 رصف المباني 65، الدر المصون 3/189.
[15279]:ينظر: الإنصاف 2/428، تفسير القرطبي 7/92، الخزانة 4/413، حاشية الكشاف للتفتازاني 2/354، شرح الكافية الشافية 2/991، الدر المصون 3/189 وشهادته على الفصل بيت المتضايفين وهما "غلائل صدورها" بغير الظرف والأصل "وقد شفت غلائل صدورها عبد القيس منها".
[15280]:تقدم.
[15281]:ينظر: معاني القرآن 1/358.
[15282]:ينظر: الدر المصون 3/190.
[15283]:ينظر: معاني القرآن 1/358.
[15284]:ينظر: المحتسب 2/406.
[15285]:ينظر: المحتسب 2/406.
[15286]:البيت لعمرو بن كلثوم ينظر: الأشموني 2/276، الخزانة 3/461، شرح الكافية 2/976، الوساطة 465، الدر المصون 3/3/190.
[15287]:البيت لجندل بن المثنى ينظر: اللسان كنفج الوساطة (465) الدر المصون 3/190، والعين 3/457.
[15288]:تقدم.
[15289]:ينظر: الدر المصون 3/190.
[15290]:ينظر: ديوانه (116)، الدر المصون 3/191.
[15291]:ينظر: ديوانه (116)، ابن الشجري 1/27، الدر المصون 3/191.
[15292]:البيت للأحوص ينظر: ديوانه 189، المقاصد النحوية 1/109، شرح شواهد المغني 2/767، شرح التصريح 2/59 العقد الفريد 6/81، أمالي الزجاجي 81، خزانة الأدب 2/151، أوضح المسالك 3/192، مغني اللبيب 2/672 وشرح الأشموني 2/329، الدر المصون 3/191.
[15293]:في أ: كقول القائل.
[15294]:ينظر: ديوانه بشرح العكبري 1/286، البحر 4/243، الوساطة 4/464، العمدة لابن رشيق 2/72، الدر المصون 3/191.
[15295]:تقدم.
[15296]:ينظر: الأشموني 2/479، الدر المصون 3/191.
[15297]:تقدم.
[15298]:ينظر: الدر المصون 3/191.
[15299]:البيت لبجير بن زهير ينظر: الدرر 5/48، المقاصد النحوية 3/489، همع الهوامع 2/53، شرح الأشموني 2/329، شرح ابن عقيل ص 405، الدر المصون 3/191. وشهادته على الفصل بين المضاف وهو "وفاق"، وبيت المضاف إليه وهو"بُجير" بالنداء "كعب".
[15300]:ينظر: الدر المصون 3/192.
[15301]:ينظر: الخصائص 2/404، والعيني 3/580، الهمع 2/53، أوضح المسالك 1/412، التصريح 2/6، الأشموني 2/278، الدر المصون 3/192.
[15302]:ينظر: الدرر 5/46، المقاصد النحوية 3/478، شرح التصريح 2/59، وشرح الأشموني 1/258، شرح ابن عقيل 404 همع الهوامع 2/52، شرح عمدة الحافظ 496، الدر المصون 3/192. والشاهد فيه على الفصل بين المضاف، وهو "أبي" والمضاف إليه، وهو"طالب" لنعت، وهو"شيخ الأباطح" وأصل الكلام: من ابن أبي طالب شيخ الأباطح.
[15303]:البيت للفرزدق ينظر: ديوانه 2/226، المقاصد النحوية 3/484، وشرح ابن عقيل ص 404، شرح الأشموني 2/328، الدر المصون 3/192، والشاهد فيه كالشاهد قبله.
[15304]:ينظر البيتان في: الدرر 2/68، الأشموني 2/2119، والهمع 23/53، التصريح 2/60، الدر المصون 3/192.
[15305]:البيت لجرير ينظر: ديوانه 1/117، المقاصد النحوية 3/474 شرح التصريح 2/58، الدرر 5/44، أوضح المسالك 2/187، همع الهوامع 2/52، شرح الأشموني 2/328، الدر المصون 3/192.
[15306]:ينظر: الدر المصون 3/193.
[15307]:سقط في ب.
[15308]:سقط في ب.
[15309]:ينظر: الدر المصون 3/193.
[15310]:سقط في ب.
[15311]:ينظر: الكتاب 1/146.
[15312]:تقدم.
[15313]:سقط في ب.
[15314]:ينظر: الإملاء 1/262.
[15315]:ينظر: الدر المصون 3/194.
[15316]:ينظر: معاني القرآن 1/357.
[15317]:ينظر: الدر المصون 3/194.
[15318]:الآية: 11.
[15319]:ينظر: الرازي 13/169.
[15320]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/89) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
[15321]:ينظر: الرازي 13/169.
[15322]:ذكره الرازي في "تفسيره" (13/169) عن ابن عباس.
[15323]:ينظر: الدر المصون 3/194 البحر المحيط 4/233، المحرر الوجيز 2/350.
[15324]:ينظر: الكشاف 2/70.
[15325]:الآية: 112 الأنعام.
[15326]:ينظر: الرازي 13/169.
[15327]:ينظر: المصدر السابق.