النوع الثاني من أحكامهم الفاسدة قوله : { وكذلك زين } كان أهل الجاهلية يدفنون بناتهم أحياءً خوفاً من الفقر أو من التزويج ، وكان الرجل يحلف بالله إن ولد له كذا غلاماً لينحرن أحدهم كما فعل عبد المطلب على ابنه عبد الله ، والشركاء على الوجه الأول الشياطين الذين أطاعوهم في معصية الله تعالى ، وعلى الثاني هم السدنة والخدام ، والأول قول مجاهد ، والثاني للكلبي . وتقدير الكلام ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك في قسمة القربان بين الله والآلهة ، أو مثل ذلك التزيين البليغ الذي علم من الشياطين زين لهم شركاؤهم من الشياطين أو من سدنة الأصنام { قتل أولادهم } بالوأد أو بالنحر . ثم إن وجه القراءة الأكثري ظاهر وليس فيها إلا تقديم المفعول وذلك لشدة الاعتناء به ، وأما قراءة ابن عامر فخطأها الزمخشري من جهة الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف فإن ذلك قد جوز بالظرف كقوله :
لله در اليوم من لامها *** . . .
فزججتها بمزجة *** زج القلوص أبي مزاده
وحملوه على ضرورة الشعر مع الاستكراه ، والحق عندي في هذا المقام أن القرآن حجة على غيره وليس غيره حجة عليه ، والقراءات السبع كلها متواترة فكيف يمكن تخطئة بعضها ؟ فإذا ورد في القرآن المعجز مثل هذا التركيب لزم القول بصحته وفصاحته وأن لا يلتفت إلى أنه هل ورد له نظير في أشعار العرب وتراكيبهم أم لا ، وإن ورد فكثير أم لا ؟ ومع ذلك فقد وجهه بعض الفضلاء بأن المضاف إليه من الأول محذوف على نحو قوله :
بين ذراعي وجبهة الأسد *** . . .
والمضاف مضمر مع الثاني كقراءة من قرأ { والله يريد الآخرة } [ الأنفال : 67 ] بالجر على تقدير غرض الآخرة ، فتقدير الآية : قتل شركائهم أولادهم قتل شركائهم . ومعنى { ليردوهم } ليهلكوهم بالإغواء . قال ابن عباس : ليردوهم في النار . واللام محمول على العاقبة إن كان التزيين من السدنة ، وعلى حقيقة التعليل إن كان من الشيطان { وليلبسوا عليهم دينهم } ليخلطوه عليهم ويشبهوه ودينهم ما كانوا عليه من دين إسماعيل فهذا الذي أتاهم بهذه الأوضاع الفاسدة أراد أن يزيلهم عن ذلك الدين الحق . وقيل : دينهم الذي وجب أن يكونوا عليه ، وقيل : وليوقعوهم في دين ملتبس { ولو شاء الله ما فعلوه } لما فعل المشركون ما زين لهم ، أو لما فعل الشياطين والسدنة التزيين أو الإرداء أو اللبس أو جميع ما ذكر إن جعل الضمير جارياً مجرى اسم الإشارة . والمعتزلة حملوا هذه المشيئة على مشيئة الإلجاء والقسر . ثم قال : { فذرهم وما يفترون } على قانون قوله : { اعملوا ما شئتم } [ فصلت : 40 ] وفيه مع التهديد التسجيل على المأمور بأنه لا يأتي منه إلا الشر والشرك . قيل : إنما قال في هذه الآية { ولو شاء الله ما فعلوه } ليكون مناسباً لقوله : { وجعلوا لله } وقال فيما قبل : { ولو شاء ربك ما فعلوه } [ الأنعام : 112 ] لأنه وقع عقيب آيات فيها ذكر الرب كقوله : { قد جاءكم بصائر من ربكم } [ الأنعام : 104 ] الآيات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.