السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

{ وكذلك } أي : ومثل ما زين لجميع المشركين تضييع أموالهم والكفر بربهم شركاؤهم { زين لكثير من المشركين قتل أولادهم } أي : بالوأد خشية الإملاق { شركاؤهم } من الجن أو من السدنة أي : الخدمة ، وقرأ غير ابن عامر بفتح الزاي والياء ونصب لام قتل وكسر دال أولادهم وشركاؤهم بالواو مضمومة الهمزة على أنه فاعل ، وقرأ ابن عامر بضم الزاي وكسر الياء ورفع لام قتل ونصب دال أولادهم وشركائهم بالياء مكسورة الهمزة بإضافة القتل إليه مفصولاً بينهما بمفعوله قال البيضاوي تبعاً للزمخشري : وهو ضعيف في العربية معدود من ضرورة الشعر . اه .

وقد أنكر جماعة على الزمخشري في ذلك بأن القراءة المذكورة صحيحة متواترة وتركيبها صحيح في العربية فلا يجوز الطعن فيها ولا في ناقلها . قال التفتازاني : وهذا على عادته يطعن في متواتر القراآت السبع ويسند الخطأ تارة إليهم كما هنا وتارة إلى الرواية عنهم وكلاهما خطأ لأنّ القراآت متواترة ، وكذا الروايات عنهم ، وأطال في بيان ذلك وقال ابن مالك في كافيته : إضافة المصدر إلى الفاعل مفصولاً بينهما بمفعول المصدر جائزة في الاختيار إذ لا محذور فيها مع أنّ الفاعل كجزء من عامله فلا يضر فصله وإضافة القتل إلى الشركاء لأمرهم { ليردوهم } أي : ليهلكوهم بذلك الفعل الذي أمروهم به ، والإرداء في اللغة الإهلاك ، وقال ابن عباس : ليردوهم ، في النار { وليلبسوا } أي : وليخلطوا { عليهم دينهم } قال ابن عباس : ليدخلوا عليهم الشك في دينهم وكانوا على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام فوضعوا لهم هذه الأصنام وزينوها لهم { ولو شاء الله } عصمة هؤلاء من ذلك القبيح الذي زين لهم { ما فعلوه } فجميع الأشياء بمشيئته وإرادته { فذرهم } أي : اتركهم يا محمد { وما يفترون } أي : وما يختلقون من الكذب على الله فإن الله لهم بالمرصاد ، وفي ذلك تهديد لهم كما مرّ .