بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

ثم قال تعالى : { وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مّنَ المشركين قَتْلَ أولادهم شُرَكَاؤُهُمْ } يعني : زين لهم شركاؤهم وهم الشياطين قتل أولادهم ، لأنهم يقتلون أولادهم مخافة الفقر والحمية ، ويدفنون بناتهم أحياء فزين لهم الشيطان ذلك ، كما زيّن لهم تحريم الحرث والأنعام . ويقال : كان واحد منهم ينذر أنه إذا ولد كذا وكذا ولد يذبح واحداً منهم كما فعل عبد المطلب . فزين لهم الشيطان قتل أولادهم . فذلك قوله { وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مّنَ المشركين قَتْلَ أولادهم شُرَكَاؤُهُمْ } قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام { وكذلك زُيّنَ } بضم الزاي { قَتْلَ } بضم اللام { أولادهم } بفتح الدال { شُرَكَائِهِمْ } بالخفض . وإنما قرئ { زُيّنَ } بالضم على فعل ما لم يسم فاعله ومعناه : قتل شركائهم على معنى التقديم ، وهم أولادهم لأن أولادهم شركاؤهم في أموالهم ، فصار شركاؤهم نعتاً للأولاد ، وصار الأولاد نصباً على وجه التفسير . وقرأ الباقون { زُيّنَ } بالنصب لأنه فعل ماض { شُرَكَاؤُهُمْ } بالضم لأنه جعل الشركاء على وجه الفاعل .

ثم قال : { لِيُرْدُوهُمْ } يعني : ليهلكوهم بذلك { وَلِيَلْبِسُواْ } يعني : ليخلطوا وليشبهوا { عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } يعني : دين إبراهيم وإسماعيل .

ثم قال : { وَلَوْ شَاء الله مَا فَعَلُوهُ } يعني : لو شاء الله لمنعهم من ذلك منع اضطرار وقهر وأهلكهم { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } يعني : دعهم وما يكذبون بأن الله أمرهم بذلك ، ومعناه : أن الله مع قدرته عليهم قد تركهم إلى وقت { فدرهم } ، فاتركهم أنت أيضاً إلى الوقت الذي تؤمر بقتالهم . ويقال : معناه دعهم فإنّ لهم موعداً بين يدي الله فيحاسبهم ويجازيهم بها .