معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ} (137)

وقوله : { وكذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ }

وهم قوم كانوا يخدمون آلهتهم ، فزيَّنوا لهم دفن البنات وهنّ أحياء . وكان أيضا أحدهم يقول : لئن وُلد لي كذا وكذا من الذكور لأنحرنّ واحداً . فذلك قتل أولادهم . والشركاء رفع ؛ لأنهم الذين زيَّنوا .

وكان بعضهم يقرأ : " وكذلك زُيِّن لِكثِيرٍ مِن المشركين قتلُ أولادِهم " فيرفع القتل إذا لم يسمّ فاعله ، ويرفع ( الشركاء ) بفعل ينوِيه ؛ كأنه قال : زيَّنه لهم شركاؤهم . ومثله قوله : ( يُسَبَّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) ثم قال : { رجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ } . وفي بعض مصاحف أهل الشام ( شركايهم ) بالياء ، .

فإن تكن مثبتة عن الأوّلين فينبغي أن يقرأ ( زُيِّنَ ) وتكون الشركاء هم الأولاد ؛ لأنهم منهم في النسب والميراث . فإن كانوا يقرءون ( زَيَّنَ ) فلست أعرف جهتها ؛ إلا أن يكونوا فيها آخذين بلغة قوم يقولون : أتيتها عِشايا ثم يقولون في تثنية ( الحمراء : حمرايان ) فهذا وجه أن يكونوا قالوا : " زَيَّنَ لكثيرٍ من المشركين قتل أولادِهم شركايُهُمْ " وإن شئت جعلت ( زَيَّنَ ) إذا فتحته فعلا لإبليس ثم تخفض الشركاء بإتباع الأولاد . وليس قول من قال : إنما أرادوا مثل قول الشاعر :

فزججتها متمكّنا *** زجَّ القَلوصَ أبِى مزاد

بشيء . وهذا مِما كان يقوله نَحْويُّو أهلِ الحجاز ، ولم نجد مثله في العربية .