في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

17

( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون ) . .

وابتليناهم بالنعمة والسلطان ، والتمكين في الأرض ، والإملاء في الرخاء ، واسباب الثراء والاستعلاء .

( وجاءهم رسول كريم ) . .

وكان هذا طرفاً من الابتلاء ، ينكشف به نوع استجابتهم للرسول الكريم ، الذي لا يطلب منهم شيئاً لنفسه ؛ إنما يدعوهم إلى الله ، ويطلب إليهم أن يؤدوا كل شيء لله ، وألا يستبقوا شيئاً لا يؤدونه من ذوات أنفسهم يضنون به على الله :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

يقول تعالى : ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون ، وهم قبط مصر ، { وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } يعني : موسى كليمه ، عليه السلام ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

{ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون } امتحناهم بإرسال موسى عليه السلام إليهم ، أو أوقعناهم في الفتنة بالإمهال وتوسيع الرزق عليهم . وقرئ بالتشديد للتأكيد أو لكثرة القوم . { وجاءهم رسول كريم } على الله أو على المؤمنين أو في نفسه لشرف نسبه وفضل حسبه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

و : { فتنا } معناه : امتحنا واختبرنا . والرسول الكريم : قال قتادة : هو موسى عليه السلام ، ومعنى الآية يعطي ذلك بلا خلاف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

جعل الله قصة قوم فرعون مع موسى عليه السلام وبني إسرائيل مثلاً لحال المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، وجعل ما حلّ بهم إنذاراً بما سيحلّ بالمشركين من القحط والبطشة مع تقريب حصول ذلك وإمكانه ويُسره وإن كانوا في حالة قوة فإن الله قادر عليهم ، كما قال تعالى : { فأهلكنا أشدّ منهم بطشاً } [ الزخرف : 8 ] فذكرها هنا تأييد للنبيء ووَعدٌ له بالنصر وحسنِ العاقبة ، وتهديدٌ للمشركين .

وهذا المثل وإن كان تشبيهاً لمجْمُوعِ الحالة بالحالة فهو قابل للتوزيع بأن يشبَّه أبو جهل بفرعون ، ويشبه أتباعه بملإِ فرعون وقومِه أو يشبه محمد صلى الله عليه وسلم بموسى عليه السلام ، ويشبه المسلمون ببني إسرائيل . وقبولُ المثل لتوزيع التشبيه من محاسنه .

وموقع جملة { ولقد فتنا } يجوز أن يكون موقع الحال فتكون الواوُ للحال وهي حال من ضمير { إنا منتقمون } [ الدخان : 16 ] . ويجوز أن تكون معطوفة على جملة { إنا منتقمون } [ الدخان : 16 ] ، أي منتقمون منهم في المستقبل وانتقمنا من قوممِ فرعون فيما مضى .

وأشعر قولَه { قبلَهم } أن أهل مكة سيُفتنون كما فُتِن قوم فرعون ، فكان هذا الظرف مؤذناً بجملة محذوفة على طريقة الإيجاز ، والتقدير : إنا منتقمون ففاتنوهم فقد فتنا قبلهم قوم فرعون ، ومؤذناً بأن المذكور كالدليل على توقع ذلك وإمكانه وهو إيجاز آخر .

والمقصود تشبيه الحالة بالحالة ولكن عدل عن صَوغ الكلام بصيغة التشبيه والتمثيل إلى صوغه بصيغة الإخبار اهتماماً بالقصة وإظهاراً بأنها في ذاتها مما يهم العلمُ به ، وأنها تذكير مستقل وأنها غير تابعة غيرها . ولأن جملة { وجاءهم رسول كريم } عطفت على جملة { فتنا } أي ولقد جاءهم رسول كريم ، عطفَ مفصل على مجمل ، وإنما جاء معطوفاً إذ المذكور فيه أكثرُ من معنى الفتنة ، فلا تكون جملة { وجاءهم رسول كريم } بياناً لجملة { فتنا } بل هي تفصيل لقصة بعثة موسى عليه السلام .

والفَتن : الإيقاع في اختلال الأحوال ، وتقدم في قوله تعالى : { والفتنة أشدّ من القتل } في سورة البقرة ( 191 ) .

والرسول الكريم : موسى ، والكريم : النفيس الفائق في صنفه ، وتقدم عند قوله تعالى : { إِنَيَ أُلْقِيَ إليّ كتابٌ كريمٌ } في سورة النمل ( 29 ) ، أي رسول من خِيرة الرسل أو من خِيرة الناس .