في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ} (49)

30

( ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون . فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون . ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون . قالوا : يا ويلنا ! من بعثنا من مرقدنا ? هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون . إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ) . .

يسأل المكذبون : ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) . . فيكون الجواب مشهداً خاطفاً سريعاً . . صيحة تصعق كل حي ، وتنتهي بها الحياة والأحياء :

( ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون . فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ) . .

فهي تأخذهم بغتة وهم في جدالهم وخصامهم في معترك الحياة ، لا يتوقعونها ولا يحسبون لها حساباً .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ} (49)

قال الله تعالى : { مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } أي : ما ينتظرون{[24769]} إلا صيحة واحدة ، وهذه - والله أعلم - نفخة الفزع ، ينفخ في الصور نفخة الفزع ، والناس في أسواقهم ومعايشهم يختصمون ويتشاجرون على عادتهم ، فبينما هم كذلك إذ أمر الله تعالى إسرافيل فنفخ في الصور نفخة يُطَوِّلُها ويَمُدُّها ، فلا يبقى أحد على وجه الأرض إلا أصغى ليتًا ، ورفع ليتًا - وهي{[24770]} صفحة العنق - يتسمع الصوت من قبل السماء .


[24769]:- في أ : "ما ينظرون".
[24770]:- في أ : "وهو".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ} (49)

{ ما ينظرون } :ما ينتظرون . { إلا صيحة واحدة } هي النفخة الأولى . { تأخذهم وهم يخصمون } : يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم أمرها كقوله : { أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون } وأصله يختصمون فسكنت التاء أدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين ، وقرأ أبو بكر بكسر الياء للاتباع ، وقرأ ابن كثير وورش وهشام بفتح الخاء على إلقاء حركة التاء إليه ، وأبو عمرو وقالون به مع الاختلاس وعن نافع الفتح فيه والإسكان والتشديد وكأنه جوز الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني مدغما ، وقرأ حمزة { يخصمون } من خصمه إذا جادله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ} (49)

و { ينظرون } معناه ينتظرون ، و { ما } نافية ، وهذه الصيحة هي صيحة القيامة والنفخة الأولى في الصور رواه عبد الله بن عمر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم{[9790]} ، وفي حديث أبي هريرة أن بعدها نفخة الصعق ثم نفخة الحشر وهي التي تدوم ، فما لها من فواق ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والأعرج وشبل وابن القسطنطين المكي «يَخَصِّمون » بفتح الياء والخاء وشد الصاد المكسورة ، وأصلها يختصمون نقلت حركة التاء إلى الخاء وأدغمت التاء الساكنة في الصاد ، وقرأ نافع وأبو عمرو أيضاً «يَخْصِّمون » بفتح الياء وسكون الخاء وشد الصاد المكسورة وفي هذه القراءة جمع بين الساكنين ولكنه جمع ليس بجمع محض ووجهها أبو علي ، وأصلها يختصمون حذفت حركة التاء دون نقل ثم أدغمت في الصاد ، وقرأ عاصم والكسائي وابن عامر ونافع أيضاً والحسن وأبو عمرو بخلاف عنه «يَخِصِّمون » بفتح الياء وكسر الخاء وشد الصاد المكسورة أصلها يختصمون عللت كالتي قبلها ، ثم كسرت للالتقاء ، وقرأت فرقة «يِخِصِّمون » بكسر الياء والخاء وشد الصاد المكسورة عللت كالتي قبلها ثم أتبعت كسرة الخاء كسرة الياء ، وفي مصحف أبي بن كعب «يختصمون » ومعنى هذه القراءات كلها أنهم يتحاورون ويتراجعون الأقوال بينهم ويتدافعون في شؤونهم ، وقرأ حمزة «يخصمون » وهذه تحتمل معنيين أحدهما المذكور في القراءات أي يخصم بعضهم بعضاً في شؤونهم والمعنى الثاني يخصمون أهل الحق في زعمهم وظنهم ، كأنه قال تأخذهم الصيحة وهم يظنون بأنفسهم أنهم قد خصموا أو غلبوا ، لأنك تقول : خاصمت فلاناً فخصمته إذا غلبته .


[9790]:حديث ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم، قال: "لينفخن في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به، وهي التي قال الله:{ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون، فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}،" وحديث أبي هريرة أخرجه سعيد بن منصور، والبخاري، ومسلم، وابن المنذر، وأبو الشيخ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه-واللحقة: الناقة الحلوب الغزيرة اللبن- ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها)،هكذا ذكرهما السيوطي في (الدر المنثور)، الأول غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني مرفوع، وذكر السيوطي أيضا أن عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه أخرجوا عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الآية قال:"تقوم الساعة والناس في أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب ويحلبون اللقاح، وفي حوائجهم، فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون". دون أن يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.