الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ} (49)

قوله : { يَخِصِّمُونَ } : قرأ حمزةُ بسكون الخاء وتخفيف الصادِ مِنْ خَصِم يَخْصَمُ . والمعنى : يَخْصَمُ بعضُهم بعضاً ، فالمفعولُ محذوفٌ . وأبو عمرٍو وقالون بإخفاءِ فتحةِ الخاء وتشديدِ الصاد . ونافعٌ وابن كثير وهشام كذلك ، إلاَّ أنَّهم بإخلاصِ فتحةِ الخاءِ . والباقون بكسرِ الخاء وتشديدِ الصادِ . والأصلُ في القراءاتِ الثلاثِ : يَخْتَصِمون فأُدْغِمت التاءُ في الصاد ، فنافعٌ وابن كثير وهشام نَقَلوا فتحَها إلى الساكنِ قبلَها نَقْلاً كاملاً ، وأبو عمرو وقالون اختلسا حركتَها تنبيهاً على أنَّ الخاءَ أصلُها السكونُ ، والباقون حَذَفُوا حركتَها ، فالتقى ساكنان لذلك ، فكسروا أوَّلَهما ، فهذه أربعُ قراءاتٍ ، قُرِئ بها في المشهور .

ورُوِي عن أبي عمرٍو وقالون سكونُ الخاءِ وتشديدُ الصادِ . والنحاةُ يَسْتَشْكِلونها للجمعِ بَيْن ساكنين على غير حَدَّيْهما . وقرأ جماعةٌ " يِخِصِّمُون " بكسرِ الياءِ والخاءِ وتشديد الصاد وكسروا الياءَ إتباعا . وقرأ أُبَيٌّ " يَخْتَصِمُون " على الأصل . قال الشيخُ : " ورُوِي عنهما - أي عن أبي عمرٍو وقالون - بسكونِ الخاء وتخفيفِ الصاد مِنْ خَصِم " .

قلت : هذه هي قراءةُ حمزةَ ولم يَحْكِها هو عنه وهذا يُشْبِهُ قولَه :

{ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ } في البقرةِ [ الآية : 20 ] ، و { لاَّ يَهِدِّي } في يونس [ الآية : 35 ] .