فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ} (49)

{ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة } أي ما ينتظرون إلاّ صيحة واحدة ، وهي : نفخة إسرافيل في الصور { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } أي يختصمون في ذات بينهم في البيع والشراء ، ونحوهما من أمور الدنيا ، وهذه هي النفخة الأولى ، وهي نفخة الصعق .

وقد اختلف القراء في { يخصّمون } ، فقرأ حمزة بسكون الخاء ، وتخفيف الصاد من خصم يخصم ، والمعنى : يخصم بعضهم بعضاً ، فالمفعول محذوف . وقرأ أبو عمرو ، وقالون بإخفاء فتحة الخاء ، وتشديد الصاد . وقرأ نافع ، وابن كثير ، وهشام كذلك إلا أنهم أخلصوا فتحة الخاء ، وقرأ الباقون بكسر الخاء ، وتشديد الصاد . والأصل في القراءات الثلاث يختصمون ، فأدغمت التاء في الصاد ، فنافع ، وابن كثير ، وهشام نقلوا فتحة التاء إلى الساكن قبلها نقلاً كاملاً ، وأبو عمرو ، وقالون اختلسا حركتها تنبيهاً على أن الخاء أصلها السكون ، والباقون حذفوا حركتها ، فالتقى ساكنان ، فكسروا أوّلهما . وروي عن أبي عمرو ، وقالون : أنهما قرءا بتسكين الخاء وتشديد الصاد ، وهي قراءة مشكلة لاجتماع ساكنين فيها .

وقرأ أبيّ " يختصمون " على ما هو الأصل .

/خ54