في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

10

ولما علمه ربه من حرصه هذا وإشفاقه واحتياطه أجابه إلى ما سأل ، وطمأنه مما يخاف . والتعبير هنا يختصر مرحلة الاستجابة ، ومرحلة الإرسال إلى هارون ، ومرحلة وصول موسى إلى مصر ولقائه لهارون ؛ ويبرز مشهد موسى وهارون مجتمعين يتلقيان أمر ربهما الكريم ، في نفس اللحظة التي يطمئن الله فيها موسى ، وينفي مخاوفه نفيا شديدا ، في لفظه تستخدم أصلا للردع وهي كلمة( كلا ) !

( قال : كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون . فأتيا فرعون فقولا : إنا رسول رب العالمين . أن أرسل معنا بني إسرائيل ) .

كلا . لن يضيق صدرك ويحتبس لسانك . وكلا لن يقتلوك . فأبعد هذا كله عن بالك بشدة . واذهب أنت وأخوك . ( فاذهبا بآياتنا )وقد شهد موسى منها العصا واليد البيضاء - والسياق يختصرهما هنا لأن التركيز في هذه السورة موجه إلى موقف المواجهة وموقف السحرة وموقف الغرق والنجاة . اذهبا ( إنا معكم مستمعون )فأية قوة ? وأي سلطان ? وأي حماية ورعاية وأمان ? والله معهما ومع كل إنسان في كل لحظة وفي كل مكان . ولكن الصحبة المقصودة هنا هي صحبة النصر والتأييد . فهو يرسمها في صورة الاستماع ، الذي هو أشد درجات الحضور والانتباه . وهذا كناية عن دقة الرعاية وحضور المعونة . وذلك على طريقة القرآن في التعبير بالتصوير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

{ قَالَ كَلا } أي : قال الله له : لا تخف من شيء من ذلك كما قال : { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا } أي : برهانا { فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } [ القصص : 35 ] .

{ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ } كما قال تعالى : { إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } [ طه : 46 ] أي : إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

وقوله : { قال كلا فاذهبا بآياتنا } إجابة له إلى الطلبتين بوعده بدفع بلائهم اللازم ردعه عن الخوف وضم أخيه إليه في الإرسال ، والخطاب في { فاذهبا } على تغليب الحاضر لأنه معطوف على الفعل الذي يدل عليه { كلا } كأنه قيل : ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت والذي طلبته . { إنما معكم } يعني موسى وهارون وفرعون . { مستمعون } سامعون لما يجري بينكما وبينه فأظهركما عليه ، مثل نفسه تعالى بمن حضر مجادلة قوم استماعا لما يجري بينهم وترقبا لإمداد أوليائه منهم ، مبالغة في الوعد بالإعانة ، ولذلك تجوز بالاستماع الذي هو بمعنى الإصغاء للسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات ، وهو خبر ثان أو الخبر وحده { ومعكم } لغو .