السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

{ قال } الله تعالى { كلا } أي : ارتدع عن هذا الكلام فإنه لا يكون شيءُ ، مما خفت لا قتل ولا غيره ، وكأنه لما كان التكذيب مع ما قام عليه من الصدق من البراهين المقوية لصاحبها الشارحة لصدره العلية لأمره عدّ عدماً ، وقد أجبناك إلى الإعانة بأخيك .

{ فاذهبا } أي : أنت وأخوك متعاضدين إلى ما أمرتك به مؤيدين { بآياتنا } الدالة على صدقكما .

تنبيه : { فاذهبا } عطف على ما دلّ عليه حرف الردع من الفعل كأنه قيل : ارتدع عما تظن فاذهب أنت وأخوك بآياتنا { إنا } أي : بما لنا من العظمة { معكم مستمعون } أي : سامعون لأنه تعالى لا يوصف بالمستمع على الحقيقة لأنّ الاستماع جار مجرى الإصغاء والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية ، ومنه قوله تعالى : { قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجباً } ( الجن ، 1 )

ويقال استمع إلى حديثه وسمع حديثه : أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صبّ في أذنيه البرم » وهو الكحل المذاب ويروى : البيرم وهو بزيادة الياء ، فإن قيل : لم قال معكم بلفظ الجمع وهما اثنان ؟ أجيب : بأنه تعالى أجراهما مجرى الجمع تعظيماً لهما ، أو معكما ومع بني إسرائيل يسمع ما يجيبكم فرعون .